كتاب المسائل والرسائل المروية عن الإمام أحمد بن حنبل في العقيدة (اسم الجزء: 1)
62 - أبو بكر الأثرم قال: سمعت أبا عبد اللّه يسأل عن الاستثناء فقال: إذا كان يقول إن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص فاستثنى مخافة واحتياطا ليس كما يقولون على الشك إنما يستثنى للعمل. وقال: قلت لأبى عبد اللّه فأنت بأى شيء تقول. فقال: نحن نذهب إلى الاستثناء «1».
التعليق:
من الروايات السابقة عن الإمام أحمد يتضح تأييده الشديد للاستثناء فى الإيمان وهو مذهب عامة السلف.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: «فكلام أحمد يدل على أن الاستثناء لأجل العمل وأنه لغير شك فى الأصل» «2». اه
وفى موضع آخر يقول: «إن الإيمان المطلق، يتضمن فعل ما أمر اللّه به عبده كله، وترك المحرمات كلها، فإذا قال الرجل: أنا مؤمن بهذا الاعتبار فقد شهد لنفسه، بأنه من الأبرار المتقين، القائمين بفعل جميع ما أمروا به، وترك كل ما نهوا عنه، فيكون من أولياء اللّه، وهذا من تزكية الإنسان لنفسه وشهادته لنفسه، بما لا يعلم، ولو كانت هذه الشهادة صحيحة، لكان ينبغى له أن يشهد لنفسه بالجنة إن مات على هذه الحال، ولا أحد يشهد لنفسه بالجنة، فشهادته لنفسه بالإيمان كشهادته لنفسه بالجنة إذا مات على هذه الحال وهذا مأخذ عامة السلف الذين كانوا يستثنون، وإن جوزوا ترك الاستثناء بمعنى آخر «3». اه وقد ذكر الآجرى نحو ما تقدم ثم قال: «هذا طريق الصحابة رضى اللّه عنهم، والتابعين لهم بإحسان. عندهم أن الاستثناء فى الأعمال لا يكون فى القول والتصديق بالقلب وإنما الاستثناء فى الأعمال الموجبة لحقيقة الإيمان،
___________
(1) أخرجها ابن بطة فى الإبانة الكبرى: 2/ 760. ونقلها ابن تيمية من كتاب السنة للأثرم. انظر:
الإيمان ص: 240/ 241.
(2) مجموع الفتاوى: 7/ 669. وانظر: الإيمان له ص: 430، 432.
(3) مجموع الفتاوى: 7/ 446.