كتاب المسائل والرسائل المروية عن الإمام أحمد بن حنبل في العقيدة (اسم الجزء: 1)

107 - محمد بن عوف الطائى قال: أملى عليّ أحمد: والإيمان بالقدر خيره وشره «1».
التعليق:
الإيمان بالقدر هو الركن السادس من أركان الإيمان التى لا يتحقق إيمان عبد إلا بها. روى مسلم «2» عن يحيى بن يعمر قال: انطلقت أنا وحميد بن عبد الرحمن الحميرى حاجين أو معتمرين فقلنا: لو لقينا أحدا من أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فسألناه عما يقول هؤلاء فى القدر. فوفق لنا عبد اللّه ابن عمر بن الخطاب داخلا المسجد فاكتنفته أنا وصاحبى، أحدنا عن يمينه وأحدنا عن شماله. فظننت أن صاحبى سيكل الكلام إلى. فقلت: أبا عبد الرحمن إنه قد ظهر قبلنا ناس يقرءون القرآن ويتقفرون العلم- وذكر من شأنهم- وأنهم يزعمون أن لا قدر، وأن الأمر أنف. قال: فإذا لقيت أولئك فأخبرهم أنى بريء منهم وأنهم براء منى. والّذي يحلف به عبد اللّه بن عمر لو أن لأحدهم مثل أحد ذهبا فأنفقه، ما قبل اللّه منه حتى يؤمن بالقدر. ثم قال: حدثنى أبى عمر بن الخطاب قال: بينما نحن عند رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ذات يوم، إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يرى عليه أثر السفر، ولا يعرفه منا أحد حتى جلس إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع كفيه على فخذيه وقال: يا محمد أخبرنى عن الإسلام فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: ... قال: فأخبرنى عن الإيمان. قال: «أن تؤمن باللّه وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره» قال: صدقت ... ثم قال لى: «يا عمر أ تدرى من السائل» قلت اللّه ورسوله أعلم. قال: «فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم». ا ه. وفى الإيمان بالقدر سعادة فى الدنيا والآخرة فمتى علم العبد أنه لن يصيبه إلا ما كتب اللّه له، وأن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه اطمأن قلبه وتعلق بربه وصرف أمره إليه. هذا مع ما فى الإيمان بالقدر من تحقيق العبودية للّه تعالى واستشعار عظمته وقدرته جل وعلا.
___________
(1) طبقات الحنابلة: 1/ 313.
(2) فى الصحيح: 1/ 36.

الصفحة 140