كتاب المسائل والرسائل المروية عن الإمام أحمد بن حنبل في العقيدة (اسم الجزء: 1)

علم اللّه؟ قال: إذا قال: لم يكن هذا فى علم اللّه. أستتيبه فإن تاب وإلا ضربت عنقه. قال: إن منهم من يقول كان فى علم ولكن لم يأمرك بالمعصية «1».
التعليق:
تقدم أن بدعة القدر تتلخص فى اتجاهين:
الأول: إنكار علم اللّه السابق للوقائع. وهو ما أنا بصدد الكلام عنه. والمنكرون علم اللّه السابق للأشياء قبل وقوعها هم غلاة القدرية «2»، ولا يخفى ما يترتب على هذا الاعتقاد من أمور منزه عنها اللّه جل وعلا، لذلك أنكر السلف على هؤلاء إنكارا شديدا وكفروهم وأفتوا بقتلهم إن لم يرجعوا «3» ونتيجة لهذا الإنكار الشديد من جانب السلف ولقباحة ورداءة هذا المعتقد أيضا تراجع تراجعا سريعا حتى لم يعد له وجود. ويرى ابن تيمية أنه: «لما اشتهر الكلام فى القدر ودخل فيه كثير من أهل النظر والعباد، صار جمهور القدرية يقرون بتقدم العلم، وإنما ينكرون عموم المشيئة والخلق» «4».
يقول ابن حجر: وقد حكى المصنفون فى المقالات عن طوائف القدرية إنكار كون البارئ عالما بشيء من أعمال العباد قبل وقوعها منهم، وإنما يعلمها بعد كونها.
قال القرطبى وغيره: قد انقرض هذا المذهب. ولا نعرف أحدا ينسب إليه من المتأخرين قال: والقدرية اليوم مطبقون على أن اللّه عالم بأفعال العباد قبل وقوعها «5»، وإنما خالفوا السلف فى زعمهم بأن أفعال العباد مقدورة لهم
___________
(1) السنة للخلال (ق: 85/ ب- 6/ أ).
(2) انظر: شرح العقيدة الطحاوية ص: 302، 305.
(3) تقدم فيما سقته من روايات عن الإمام أحمد تكفيره لهؤلاء وإباحة دمائهم إن لم يرجعوا وانظر:
شرح السنة للالكائى: 4/ 706 - 725 حيث ساق أقوال السلف فى تكفير هؤلاء وإباحة دمائهم.
(4) الإيمان ص: 369.
(5) قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «و قول أولئك كفرهم عليه مالك والشافعى وأحمد وغيرهم وأما هؤلاء فهم مبتدعون ضالون، لكنهم ليسوا بمنزلة أولئك، وفى هؤلاء خلق كثير من العلماء والعباد كتب

الصفحة 145