كتاب المسائل والرسائل المروية عن الإمام أحمد بن حنبل في العقيدة (اسم الجزء: 1)

138 - إسحاق بن إبراهيم بن هانى قال: كنت يوما عند أبى عبد اللّه فجاء رجل فقال: إن فلانا قال: إن اللّه عز وجل جبر العباد على الطاعة.
فقال: بئس ما قال. ولم يقل شيئا غير هذا «1».
139 - وفى رواية المروزي أنكر الإمام أحمد على من قال: لم يجبر وعلى من رد عليه بالجبر فقد روى الخلال عن المروزي قال: قال رجل قدرى: إن اللّه لم يجبر العباد على المعاصى. فرد عليه أحمد بن رجاء: إن اللّه جبر العباد. أراد بذلك إثبات القدر. فوضع أحمد بن على كتابا يحتج فيه.
فأدخلته على أبى عبد اللّه فأخبرته بالقصة فقال: ويضع كتابا. وأنكر أبو عبد اللّه عليهما جميعا على ابن رجاء حين قال: جبر العباد وعلى القدرى الّذي قال: لم يجبر العباد. وأنكر على أحمد بن على وضعه الكتاب واحتجاجه وأمر بهجرانه لوضعه الكتاب. وقال لى: يجب على ابن رجاء أن يستغفر ربه لما قال: جبر العباد. فقلت لأبى عبد اللّه: فما الجواب فى هذه المسألة قال: يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشاءُ ويَهْدِي مَنْ يَشاءُ «2».
وفى موضع آخر قال المروزي: فما كان بأسرع من أن قدم أحمد بن على من عكبرا ومعه (مشيخة) وكتاب من أهل عكبرا فأدخلت أحمد بن على على أبى عبد اللّه فقال له: يا أبا عبد اللّه هو ذا الكتاب ادفعه إلى أبى بكر حتى يقطعه وأنا أقوم على منبر عكبرا وأستغفر اللّه عز وجل فقال أبو عبد اللّه لى: ينبغى أن تقبلوا منه وترجعوا له «3».
التعليق:
تقدم الكلام عن القدرية بصنفيها، وتسميتهم بالقدرية يعود إلى زعمهم بأن العبد هو الموجد لفعله. وإن كانوا ينكرون هذه التسمية ويتبرءون منها، ويدعون أن من أثبت القدر هو الأولى بها على حد زعمهم.
___________
(1) مسائل ابن هانئ: 2/ 154 - 155.
(2) سورة المدثر/ الآية 31.
(3) السنة للخلال (ق: 90/ ب).

الصفحة 158