كتاب المسائل والرسائل المروية عن الإمام أحمد بن حنبل في العقيدة (اسم الجزء: 1)
وروى ابن أبى عاصم «1» والآجرى «2» عن عبد اللّه بن عمر قال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: «أول ما خلق اللّه تعالى القلم، فأخذه بيمينه وكلتا يديه يمين قال: فكتب الدنيا وما يكون فيها من عمل معمول بر وفاجر رطب أو يابس، فأحصاه عنده فى الذكر. فقال: اقرءوا إن شئتم:
هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ، إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ «3» فهل تكون النسخة إلا من شيء قد فرغ منه» «4».
وروى ابن أبى عاصم «5» عن ابن عباس عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: «أول شيء خلقه اللّه تعالى القلم فأمره فكتب كل شيء يكون» «6» وقد ساق ابن أبى عاصم عدة أحاديث فى ذكر القلم «7».
يقول شارح الطحاوية بعد أن ذكر بعض ما تقدم من الأحاديث: «و قد جاءت الأقلام فى هذه الأحاديث وغيرها مجموعة، فدل ذلك على أن للمقادير أقلاما غير القلم الأول الّذي تقدم ذكره مع اللوح المحفوظ والّذي دلت عليه السنة أن الأقلام أربعة وهذا التقسيم غير التقسيم المقدم ذكره «8»:
القلم الأول: العام الشامل لجميع المخلوقات وهو الّذي تقدم ذكره مع اللوح.
القلم الثانى: خبر خلق آدم وهو قلم عام أيضا، لكن لبنى آدم، وورد فى
___________
(1) فى السنة: 1/ 49 - 50 ..
(2) فى الشريعة ص: 175.
(3) سورة الجاثية/ 29.
(4) حديث صحيح. انظر: السنة لابن أبى عاصم: 1/ 50.
(5) فى السنة 1/ 50.
(6) حديث صحيح. انظر: المصدر السابق.
(7) انظر: السنة له ص: 48 - 50.
(8) حيث قال: وفى اللفظ الآخر «لما خلق اللّه القلم قال له اكتب» فهذا القلم أول الأقلام وأفضلها وأجلها. وقد قال غير واحد من أهل التفسير: «إنه القلم الّذي أقسم اللّه به فى قوله تعالى: ن* والْقَلَمِ وما يَسْطُرُونَ سورة القلم/ 1 - 2. والقلم الثانى: قلم الوحى: وهو الّذي يكتب به وحى اللّه إلى أنبيائه ورسله. وقد رفع النبي صلى اللّه عليه وسلم ليلة أسرى به إلى مستوى يسمع فيه صريف الأقلام، فهذه الأقلام هى التى تكتب ما يوحيه اللّه تبارك وتعالى من الأمور التى يدبرها». ا ه. شرح العقيدة الطحاوية ص: 296.