كتاب المسائل والرسائل المروية عن الإمام أحمد بن حنبل في العقيدة (اسم الجزء: 1)

هذا آيات تدل على أن اللّه قدر أعمال بنى آدم قدر أعمال بنى آدم وأرزاقهم وآجالهم وسعادتهم عقيب خلق أبيهم
القلم الثالث: حين يرسل الملك إلى الجنين فى بطن أمه، فينفخ فيه الروح، ويؤمر بأربع كلمات: يكتب رزقه وأجله وعمله، وشقى أو سعيد كما ورد ذلك فى الأحاديث الصحيحة.
القلم الرابع: الموضوع على العبد عند بلوغه، الّذي بأيدى الكرام، الذين يكتبون ما يفعله بنو آدم. كما ورد ذلك فى الكتاب والسنة «1». اه.
وأختم الكلام بأن ما أوردته فى ثنايا مباحت القدر من أحاديث تدل على سبق المقادير بالشقاء والسعادة والجنة والنار لا يقتضي ترك الأعمال بل يقتضي الاجتهاد والحرص كما قال ابن القيم وقد علق- رحمه اللّه- على حديث على ابن أبى طالب رضى اللّه عنه المتقدم «2» وغيره مما هو مشابه له فقال: «فاتفقت هذه الأحاديث ونظائرها على أن القدر السابق لا يمنع العمل ولا يوجب الاتكال عليه بل يوجب الجد والاجتهاد ولهذا لما سمع بعض الصحابة ذلك قال: ما كنت أشد اجتهادا منى الآن. وهذا مما يدل على جلالة فقه الصحابة ودقة أفهامهم وصحة علومهم فإن النبي صلى اللّه عليه وسلم أخبرهم بالقدر السابق وجريانه على الخليقة بالأسباب فإن العبد ينال ما قدر له بالسبب الّذي أقدر عليه ومكن منه وهيئ له فإذا أتى بالسبب أوصله إلى القدر الّذي سبق له فى أم الكتاب وكلما زاد اجتهادا فى تحصيل السبب كان حصول المقدور أدنى إليه ... فمن عطل العمل اتكالا على القدر السابق فهو بمنزلة من عطل الأكل والشرب والحركة فى المعاش وسائر أسبابه اتكالا على ما قدر له «3».
___________
(1) شرح العقيدة الطحاوية ص: 297.
(2) فى ص: 164.
(3) شفاء العليل ص: 25، 26. وانظر ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية فى مجموع الفتاوى:
8/ 272 - 294 والخطابى فى معالم السنن مع سنن أبى داود: 5/ 68 - 69 حول هذا الموضوع.

الصفحة 166