كتاب المسائل والرسائل المروية عن الإمام أحمد بن حنبل في العقيدة (اسم الجزء: 1)

وأبو الطفيل هو: عامر بن واثلة. ولد عام أحد ورأى النبي صلى اللّه عليه وسلم. توفى سنة عشر ومائة على الصحيح «1». وفى بعض الروايات قال:
كنت عند على بن أبى طالب فأتاه رجل فقال: ما كان النبي صلى اللّه عليه وسلم يسر إليك. قال: فغضب وقال: ما كان النبي صلى اللّه عليه وسلم يسر إليّ شيئا يكتمه الناس غير أنه حدثنى بكلمات أربع فذكر الحديث. ثم إن على بن أبى طالب كغيره من الصحابة عرف حق أبى بكر وفضله «2» وبايعه «3» وأقر له.
وروى البخارى «4» عن عبد اللّه بن عباس أن على بن أبى طالب رضى اللّه عنه خرج من عند رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فى وجعه الّذي توفى فيه فقال الناس: يا أبا الحسن كيف أصبح رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم؟ فقال:
أصبح بحمد اللّه بارئا، فأخذ بيده عباس بن عبد المطلب فقال له: أنت واللّه بعد ثلاث عبد العصا، وإنى واللّه لأرى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يتوفى فى وجعه هذا، إنى لأعرف وجوه بنى عبد المطلب عند الموت. اذهب بنا إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فلنسأله فيمن هذا الأمر؟ إن كان فينا علمنا ذلك. وإن كان فى غيرنا علمناه فأوصى بنا فقال على: إنا واللّه لئن سألناها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فمنعناها لا يعطيناها الناس بعده وإنى واللّه لا أسألها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم. اه. هذا هو الواقع والحقيقة.
أما التأويلات والافتراءات فلا تغنى عن الحق شيئا.
يقول أبو نعيم الأصبهانى: فيقال للإمامية الطاعنين على المهاجرين والأنصار اجتماعهم على تقدمة الصديق رضى اللّه عنه: أ كان اجتماعهم عليه على إكراه منه لهم بالسيف، أو تأليف منه لهم بمال، أو غلبة بعشيرة، فإن الاجتماع لا يخلو من هذه الوجوه، وكل ذلك مستحيل منهم لأنهم (أهل) المديحة والمروءة والدين والنصيحة ولو كان شيء من هذه الوجوه، أو أريد واحد منهم على المبايعة كارها لكان ذلك منقولا عنهم ومنتشرا.
___________
(1) تقريب التهذيب: 1/ 389.
(2) سيأتى ذكر الروايات الصحيحة عن على فى تفضيله للشيخين ص: 394.
(3) انظر: البداية والنهاية: 5/ 249.
(4) فى الصحيح: 8/ 142.

الصفحة 373