كتاب المسائل والرسائل المروية عن الإمام أحمد بن حنبل في العقيدة (اسم الجزء: 1)

فأما إذا أجمعت الأمة على أن لا إكراه، والغلبة والتأليف غير ممكن منهم وعليهم، فقد ثبت أن اجتماعهم لما علموا منه من الاستحقاق والتفضيل والسابقة وقدموه وبايعوه لما خصه اللّه تعالى به من المناقب والفضائل «1».
يقول ابن تيمية: ... ولم يقل قط أحد إنى أحق بهذا الأمر منه لا قرشى ولا أنصارى، فإن من نازع أولا من الأنصار لم تكن منازعته للصديق بل طلبوا أن يكون منهم أمير ومن قريش أمير، وهذه منازعة عامة لقريش، فلما تبين لهم أن هذا الأمر فى قريش قطعوا المنازعة ... ثم بايعوا أبا بكر من غير طلب منه ولا رغبة بذلتهم ولا رهبة، فبايعه الذين بايعوا الرسول تحت الشجرة والذين بايعوه ليلة العقبة والذين بايعوه لما كانوا يهاجرون إليه والذين بايعوه لما كانوا يسلمون من غير هجرة كالطلقاء وغيرهم ولم يقل أحد قط إنى أحق بهذا من أبى بكر ولا قاله أحد فى أحد بعينه إن فلانا أحق بهذا الأمر من أبى بكر وإنما قال من فيه أثر جاهلية عربية أو فارسية أن بيت الرسول أحق بالولاية لأن العرب فى جاهليتها كانت تقدم أهل الرؤساء وكذلك الفرس يقدمون أهل بيت الملك فنقل عمن نقل عنه كلام يشير به إلى هذا. وصاحب هذا الرأى لم يكن له غرض فى على بل كان العباس عنده بحكم رأيه أولى من على «2». اه.
ولهذه المسألة جوانب متعددة والكلام فيها يطول وما ذكرته هنا- بإيجاز- هو مذهب الفرقة الناجية أهل السنة والجماعة ومن أراد الاستزادة فليراجعها فى مظانها.
أعود إلى ما أشرت إليه آنفا من الخلاف فى إمامة أبى بكر هل ثبتت بالنص أم بالاختيار.
وقد بحث القاضى أبو يعلى بن الفراء هذه المسألة على ضوء الروايات المنقولة عن الإمام أحمد، فمما قاله:
___________
(1) الإمامة ص: 214 - 215.
(2) منهاج السنة: 3/ 366.

الصفحة 374