كتاب المسائل والرسائل المروية عن الإمام أحمد بن حنبل في العقيدة (اسم الجزء: 1)
يقول ابن تيمية: ليس فى أهل السنة من يقدم عليه أحدا غير الثلاثة، بل يفضلونه على جمهور أهل بدر وأهل بيعة الرضوان وعلى السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، وما فى أهل السنة من يقول: إن طلحة والزبير وسعدا وعبد الرحمن بن عوف أفضل منه، بل غاية ما يقولون السكوت عن التفضيل بين أهل الشورى «1». اه.
وما أثر عن الإمام أحمد فى الوقوف على عثمان فى التفضيل ذهب إليه بعض السلف، فمن ناحية تفضيل أبى بكر وعمر على غيرهما من الصحابة. لم يكن فى ذلك خلاف بين السلف بل الكل مجمعون على هذا.
يقول ابن تيمية: أما تفضيل أبى بكر، ثم عمر على عثمان وعلى: فهذا متفق عليه بين أئمة المسلمين المشهورين بالإمامة فى العلم والدين: من الصحابة والتابعين، وتابعيهم، وهو مذهب مالك وأهل المدينة، والليث بن سعد وأهل مصر، والأوزاعى، وأهل الشام، وسفيان الثورى، وأبى حنيفة، وحماد بن زيد، وحماد بن سلمة، وأمثالهم من أهل العراق. وهو مذهب الشافعى وأحمد، وإسحاق، وأبى عبيد، وغير هؤلاء: من أئمة الإسلام الذين لهم لسان صدق فى الأمة. وحكى مالك إجماع أهل المدينة على ذلك فقال: ما أدركت أحدا ممن اقتدى به يشك فى تقديم أبى بكر وعمر «2» اه.
وبهذا يتضح لنا مخالفة الروافض لما أجمعت عليه هذه الأمة من تقديم الشيخين وهم يتعلقون بعلى وعلى رضوان اللّه عليه برئ منهم ومن أعمالهم وأقوالهم. فهو نفسه رحمه اللّه تعالى قدّم الشيخين وعرف فضلهما ومنزلتهما فى الإسلام.
روى البخارى «3» عن محمد بن الحنفية قال: قلت لأبى: أى الناس خير بعد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: أبو بكر قلت: ثم من قال: ثم عمر ...
___________
(1) منهاج السنة: 2/ 206. وانظر الروايتين والوجهين لأبى يعلى ابن الفراء: ق: 247، 248) فقد فصل هذه المسألة على ضوء الروايات المنقولة عن أحمد.
(2) مجموع الفتاوى: 4/ 421.
(3) فى الصحيح: 7/ 20.