كتاب المسائل والرسائل المروية عن الإمام أحمد بن حنبل في العقيدة (اسم الجزء: 1)
التعليق:
تقدم آنفا بعض ما يجب نحو صحابة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من الحب لهم والترحم والثناء عليهم جميعا بدون استثناء.
كما أن من الواجب على المؤمن الكف عما شجر بين بعض صحابة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وعدم الخوض فيما جرى بين بعضهم بل يذكر محاسنهم ويتحدث بها ويسكت عن بعض ما صدر من بعضهم وهو لا يعد شيئا بجانب ما لهم من المحاسن الكثيرة فهم على كل حال لم يخرجوا عن نطاق البشرية والعصمة للأنبياء.
يقول ابن تيمية موضحا مذهب أهل السنة:
ويتبرءون من طريقة الروافض الذين يبغضون الصحابة ويسبونهم، وطريقة النواصب الذين يؤذون أهل البيت بقول أو عمل ويمسكون عما شجر بين الصحابة ويقولون: إن هذه الآثار المروية فى مساويهم منها ما هو كاذب ومنها ما قد زيد فيه ونقص وغير عن وجهه والصحيح منه هم فيه معذورون إما مجتهدون مصيبون وإما مجتهدون مخطئون وهم مع ذلك لا يعتقدون أن كل واحد من الصحابة معصوم عن كبائر الإثم وصغائره بل يجوز عليهم الذنوب فى الجملة ولهم من السوابق والفضائل ما يوجب مغفرة ما يصدر منهم إن صدر حتى إنهم يغفر لهم من السيئات ما ليس لمن بعدهم.
وقد ثبت بقول رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنهم خير القرون وأن المد من أحدهم إذا تصدق به كان أفضل من جبل أحد ذهبا ممن بعدهم.
ثم إذا كان قد صدر من أحدهم ذنب فيكون قد تاب منه أو أتى بحسنات تمحوه أو غفر له بفضل سابقته أو بشفاعة محمد صلى اللّه عليه وسلم الّذي هو أحق بشفاعته أو ابتلى ببلاء فى الدنيا كفر به عنه، فإذا كان هذا فى الذنوب المحققة فكيف الأمور التى كانوا فيها مجتهدين إن أصابوا فلهم أجران وإن أخطئوا فلهم أجر واحد والخطأ مغفور. ثم إن القدر الّذي ينكر من فعل بعضهم قليل نزر فى جنب فضائل القوم ومحاسنهم من الإيمان باللّه ورسوله والجهاد فى سبيله