كتاب المسائل والرسائل المروية عن الإمام أحمد بن حنبل في العقيدة (اسم الجزء: 1)

وروى الخلال عن صالح أنه قال لأبيه: الرجل يذكر عنده الحجاج «1» أو غيره فيلعنه: قال: لا يعجبنى لو عبر فقال: أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ «2» «3».
قلت: وهذا هو مذهب أهل السنة والجماعة لا يخصون أحدا من المسلمين باللعن.
يقول ابن تيمية: ولهذا كان المقتصدون من أئمة السلف يقولون: إنا لا نسبهم ولا نحبهم، أى لا نحب ما صدر منهم من ظلم. والشخص الواحد يجتمع فيه حسنات وسيئات، وطاعات ومعاصى، وبر وفجور وخير وشر فيثيبه اللّه على حسناته ويعاقبه على سيئاته إن شاء أو يغفر له، ويحب ما فعله من الخير ويبغض ما فعله من الشر «4».
ويقول أيضا:
إن الفاسق المعين لا يلعن بخصوصه، إما تحريما، وإما تنزيها فقد ثبت فى صحيح البخارى عن عمر فى قصة «حمار» الّذي تكرر منه شرب الخمر وجلده لما لعنه بعض الصحابة، قال النبي صلى اللّه عليه وسلم: «لا تلعنه فإنه يحب اللّه ورسوله» «5» وقال: «لعن المؤمن كقتله» «6» هذا مع أنه قد ثبت عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه لعن الخمر وشاربها فقد ثبت أن النبي لعن عموما شارب الخمر ونهى فى الحديث الصحيح عن لعن هذا المعين.
هذا كما أن نصوص الوعيد عامة فى أكل أموال اليتامى، والزانى، والسارق فلا نشهد بها عامة على معين، بأنه من أصحاب النار. لجواز تخلف المقتضى
___________
(1) ابن يوسف الثقفى، الأمير، المشهور، الظالم ولى العراق عشرين سنة. تقريب: 1/ 154.
(2) سورة هود/ 18.
(3) السنة للخلال: (ق: 84/ ب).
(4) مجموع الفتاوى: 4/ 475.
(5) فتح البارى: 12/ 75.
(6) رواه أحمد: 4/ 33 من حديث ثابت بن الضحاك.

الصفحة 411