كتاب المسائل والرسائل المروية عن الإمام أحمد بن حنبل في العقيدة (اسم الجزء: 1)

الإيمان. قال- لما سئل عن المرجئة من هم-: «من زعم أن الإيمان قول» «1». وقد عدهم أبو الحسن الأشعرى من فرق المرجئة «2»، وشيخ الإسلام ابن تيمية قسم المرجئة إلى ثلاثة أصناف وعد الكرامية أحد هذه الأصناف «3» وقد كان أول ظهور لهذه الفرقة فى بداية القرن الثالث بزعامة مؤسسها محمد بن كرام السجستانى «4». ومذهبهم فى الإيمان- كما تقدم- عبارة عن أمر واحد لا تعدد فيه وهو الإقرار باللسان. وقد حكى عنهم هذا المذهب جل المشتغلين بآراء الطوائف والفرق، وإن كان البعض قد انفرد فى نسبة بعض الآراء إليهم والتى لم تصح عنهم كما سيأتى بيانه، ومجمل مذهبهم: أن الإيمان هو الإقرار دون تصديق القلب وعمل الجوارح. والمنافق عندهم مؤمن فى الدنيا وفى الآخرة من الخالدين فى النار «5» هذا هو المعروف من مذهبهم والّذي أجمع عليه كل من تكلم عنهم إلا أن ابن حزم نسب إليهم أمرا لم يصح عنهم حيث يقول: «و ذهب قوم إلى أن الإيمان هو إقرار باللسان باللّه تعالى وإن اعتقد الكفر بقلبه فإذا فعل ذلك فهو مؤمن من أهل الجنة وهذا قول محمد بن كرام السجستانى «6»» قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «و قد حكى بعضهم عنهم أنهم يجعلون المنافقين من أهل الجنة وهو غلط عليهم» «7». وفى موضع آخر: من حكى عنهم أنهم يقولون: المنافق يدخل الجنة فقد كذب عليهم بل يقولون إن المنافق مؤمن لأن الإيمان هو القول الظاهر.
قال الشهرستانى فى معرض كلامه عن الكرامية: «و فرقوا بين تسمية المؤمن مؤمنا فيما يرجع إلى أحكام الظاهر والتكليف وفيما يرجع إلى أحكام
___________
(1) انظر الروايات عنه فى هذا المعنى فى (قول الإمام أحمد في المرجئة) ص: 2/ 369.
(2) انظر: مقالات الإسلاميين: 1/ 204.
(3) انظر: الإيمان لابن تيمية ص: 184.
(4) قال عنه الذهبى: العابد المتكلم شيخ الكرامية ساقط الحديث على بدعته. ميزان الاعتدال: 4/ 21.
(5) انظر: الملل والنحل للشهرستانى بهامش الفصل: 1/ 154، أصول الدين للبغدادى ص: 250، مجموع الفتاوى: 7/ 140، 216.
(6) الفصل في الملل والأهواء والنحل: 3/ 188.
(7) مجموع الفتاوى: 7/ 141.

الصفحة 69