كتاب المسائل والرسائل المروية عن الإمام أحمد بن حنبل في العقيدة (اسم الجزء: 1)
فى النار، وخالفوهم فى إطلاق القول بتكفير مرتكب الكبيرة فهم يرون أن مرتكب الكبيرة فى منزلة بين المنزلتين «1» بمعنى أنه خرج من الإيمان ولم يدخل فى الكفر «2».
مرجئة الحنفية:
الإمام أبو حنيفة «3» - رحمه اللّه- أحد الأئمة الأربعة الذين بذلوا جهودا كبيرة فى خدمة هذا الدين ولست فى مقام إبراز فضائل هذا الإمام الجليل فهى معروفة للقاصى ووالداني. إلا أن شأنه شأن بقية العلماء عرضة فى جميع أقوالهم للصواب والخطأ. وكما قال الإمام مالك رحمه اللّه: كل يؤخذ من قوله ويرد عليه إلا صاحب هذا القبر- يعنى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم- وما ذهب إليه الإمام أبو حنيفة فى الإيمان لم يقره عليه أئمة السلف حيث يرى أن الإيمان إقرار باللسان وتصديق بالجنان. فهو- رحمه اللّه- ينكر أن يكون العمل ركنا فى الإيمان ومن أجل هذا نسب إلى الإرجاء «4». والإمام أحمد يطلق هذه الصفة على كل من أخرج العمل عن الإيمان «5» وعلى من قال الإيمان لا يزيد ولا ينقص «6». وهو ما أثر عن أبى حنيفة رحمه اللّه أيضا «7». أما ما يتعلق بإخراجه ___________
(1) سيأتى عرض للأصول الخمسة عند المعتزلة ومن ضمنها المنزلة بين المنزلتين ص: 2/ 374.
(2) انظر: الأصول الخمسة ص: 707، الفصل في الملل لابن حزم: 3/ 188، مجموع الفتاوى: 7/ 223، أصول الدين للبغدادى ص: 249.
(3) هو: النعمان بن ثابت الكوفى، يقال أصله من فارس ويقال مولى بنى تيم، فقيه مشهور. توفى سنة خمسين ومائة على الصحيح، وله سبعون سنة، تقريب: 2/ 303.
(4) انظر: مقالات الإسلاميين: للأشعرى: 1/ 221، الملل والنحل لابن حزم: 2/ 181، وللشهرستانى: 1/ 141، الإيمان لابن تيمية ص: 114.
(5) فى رواية حرب الكرمانى وأبى بكر المروزي وأحمد بن الحسين بن حسان وأحمد بن أصرم: لما سئل عن المرجئة- وعند بعضهم- عن المرجئ قال المرجئ الّذي يقول الإيمان قول. انظر: السنة للخلال (ق: 94/ أ) وانظر: «قول الإمام أحمد في المرجئة» ص: 2/ 369.
(6) في رواية إسماعيل بن سعيد الشالنجى: سألت أحمد عن من قال: الإيمان يزيد وينقص؟ قال:
هذا بريء من الإرجاء. انظر السنة للخلال (ق: 97/ أ) وللمزيد انظر: أبواب الزيادة والنقص في الإيمان ص: 89.
(7) سيأتى عرض لأقواله فى هذا الجانب عند الكلام على زيادة الإيمان ونقصانه ص: 102.