كتاب المسائل والرسائل المروية عن الإمام أحمد بن حنبل في العقيدة (اسم الجزء: 1)

27 - حنبل بن إسحاق قال: قلت لأبى عبد اللّه إذا أصاب الرجل ذنبا من زنا أو سرقة يزايله إيمانه؟ قال: هو ناقص الإيمان فخلع منه كما يخلع الرجل من قميصه فإذا تاب وراجع عاد إليه إيمانه» «1».
التعليق:
مما سبق من روايات يتضح أن الإمام أحمد أرجع الزيادة والنقص إلى العمل ذاته.
وهذا الأمر متفق عليه بين السلف، والزيادة والنقص كما هى بالنسبة للعمل كذلك تكون بالنسبة للتصديق والمعرفة وهذا ما سيأتى بيانه عند: (قول الإمام أحمد فى المعرفة هل تزيد وتنقص) «2» ومعنى الزيادة والنقص فى الإيمان واضح فكما قدمت أن الإيمان قول واعتقاد وعمل. فالأعمال من الإيمان ومن المسلم به عدم تساوى الناس فى الالتزام بأداء ما أمروا به والانتهاء عما نهوا عنه والناس بالنسبة لذلك على ثلاثة أقسام: ملتزم ومقصر ومفرط؛ فالملتزم هو أكمل إيمانا من المقصر؛ والمقصر أكمل إيمانا من المفرط وبالتالى يكون المقصر والمفرط أنقص إيمانا من الملتزم وهكذا ... فليس من المعقول أن يكون الملتزم التزاما كاملا بالأمر والنهى متساويا فى الإيمان مع المقصر والمفرط فى الأوامر والواجبات المنتهك للحرمات.
هذا بالنسبة للأمر والنهى وأقصد بالأمر الفرائض والواجبات التى إن أخل بها المكلف أثم وبالنهى عن المحرمات التى إن قارفها أثم أيضا. وقد يوصف بالفسق ونقص الإيمان. هذا فى الدنيا أما فى الآخرة إذا لم يتب فأمره إلى اللّه عز وجل إن شاء عفا عنه ابتداءً وإن شاء عذبه.
أما بالنسبة لبقية الطاعات والنوافل فهى أيضا تزيد فى الإيمان.
فكما أن العمل من الإيمان فكذلك هى من كمال الإيمان فمن أتى بها على الوجه المشروع فهو أكمل إيمانا ممن فرط فيها «3». واللّه تعالى أعلم.
___________
(1) السنة للخلال: (ق: 103/ أ).
(2) انظر ص: 104.
(3) وراجع ص: 50.

الصفحة 92