كتاب الشرح الممتع على زاد المستقنع (اسم الجزء: 1)

فقوله صلّى الله عليه وسلّم: «لا يُطَهِّران»، يدلُّ على أن الاستجمار بما عداهما ـ مما يباح به الاستجمار ـ يُطهِّر.
وبناءً على هذا القول ـ الذي هو الرَّاجح ـ لو تعدَّى محلَّه، وعَرِقَ في سراويله فإِنه لا يكون نجساً، لأنَّ الاستجمار مطهِّر، لكنَّه عُفي عن استعمال الماء تيسيراً على الأمة.
فهذان اثنان مما يُعْفَى عنهما:
1 - يسير الدَّم النَّجس من حيوان طاهر.
2 - أثر الاستجمار بمحلِّه.
وظاهر كلامه: أنه لا يُعفَى عن يسير شيء مما سواهما، فالقَيء مثلاً لا يُعْفَى عن يسيره، وكذلك البول، والرَّوث.
وللعلماء ـ رحمهم الله تعالى ـ في هذه المسألة أقوال (¬1):
القول الأول: أنَّه لا يُعفَى عن اليسير مطْلقاً.
القول الثَّاني: المذهب على التَّفصيل السَّابق.
القول الثَّالث: أنه يُعفَى عن يسير سائر النَّجاسات.
............
وهذا مذهب أبي حنيفة (¬2)، واختيار شيخ الإِسلام ابن تيميَّة (¬3) ولا سيَّما ما يُبتلَى به النَّاس كثيراً كبعر الفأر، وروثه، وما أشبه ذلك، فإِنَّ المشقَّة في مراعاته، والتطهُّر منه حاصلة، والله تعالى يقول: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78].
¬__________
(¬1) انظر: «مجموع الفتاوى» (21/ 16 ـ 19)، «الإنصاف» (2/ 317 ـ 321).
(¬2) انظر: «حاشية ابن عابدين» (1/ 316 ـ 325).
(¬3) انظر: «الاختيارات» ص (26).

الصفحة 446