كتاب المخصص (اسم الجزء: 1)

فَإِن الدِّمَاغ يُسمَّى الفرخَ فِيمَا روى مُحَمَّد بن السريِّ ويقيص يتكسر وَقد قَالَ غَيره الدماغُ يُقَال لَهُ الفرخ فَوضع الطَّائِر موضعَ الفرخ لِأَن الفرخ فِي الْمَعْنى طَائِر وحرّف الِاسْم عَمَّا هُوَ عَلَيْهِ لما احْتَاجَ إِلَيْهِ من إِقَامَة القافية كَمَا حذف لإِقَامَة الْوَزْن فِيمَا أَنْشدني عَليّ بن سُلَيْمَان: بَنِى رَبِّ الجَوَادِ فَلَا تَفِيلُوا فَمَا أَنْتُم فَنَعْذِرَكم لِفِيل أَرَادَ ربيعةَ الفَرَس فَوضع الجَوَاد موضعَه وَأنْشد عَليّ بن سُلَيْمَان: كأنَّ نَزْوِ فَرَاخِ الهامِ بَيْنَهُمُ نَزْوُ القُلاتِ زَهَاها قالُ قالِينَا فَأَرَادَ بفِراخ الْهَام الدماغَ وَأما قَوْله فراخُ الْهَام فَلم يُضِف الشيءَ فِيهِ إِلَى نَفسه وَلَكِن الهامُ جمع هَامة فَيشْمَل الدِّمَاغ وَغَيره فَصَارَ بِمَنْزِلَة نصل السَّيْف يَقع على النصل وَغَيره وأضاف الطائرَ إِلَى الْبيض فِي قَوْله من حيثُ طائرُه لالتباسه بِهِ كَمَا قَالَ جلّ وعزَّ: (ولِيَلْبِسُوا عَلَيْهِم دِينَهُم) يُرِيد الَّذِي شرع لَهُم وَقَوله: (هم أنْشَبُوا زرْق القنا أَرَادَ زُرْق أسِنَّة القنا فَحذف لِأَن الَّتِي تُوصَف بالزرقة الأسنةُ دون القنا أَلا ترى أَن الرماح تُوصَف بالسمرة وَإِن شِئْت جعلت الزرق الأسنةَ على إِقَامَة الصّفة مُقَام الْمَوْصُوف وَأنْشد بعض أَصْحَاب الْأَصْمَعِي: فَلَمَّا أتانِي مَا يقولُ تطايَرَتْ عصافِيرُ راسِي وانْتَشيْتُ من الخَمْرِ قَالَ أَبُو عَليّ: وَقَوله: ونَحْن نَقَلْنا مِن مُعاويَةَ الَّتِي هِيَ الأُمُّ تَغْشَى كُلَّ فَرْخٍ مُنَقْنِقِ أَرَادَ بالفرخ الدِّمَاغ وَإِنَّمَا سَمَّاهُ فرخاً لِأَن الهامة يُقَال لَهَا أمّ الدِّمَاغ وَنَظِيره مَا أنْشدهُ الشَّيْبَانِيّ: وَهل يَرْجِعَنْ لي لِمَّتي إِن خَضَبْتُها إِلَى عَهْدِها قبلَ المَشِيبِ خِضابُها رأتْ أقْحُوانَ الشَّيْبِ فَوْقَ خَطِيطَةٍ إِذا مُطِرَت لم يَسْتَكِنَّ صُؤَابُها قَالَ: إِنَّمَا تُشَبَّه الأَسْنانُ بالأُقْحوان وَلم يشبَّه الشيبُ بالأقحوان قبله والخَطِيطة الأَرْض الَّتِي لم تُمْطر بَين أَرْضَينِ مَمْطورَتَين فَزعم أَنه قد صَلِع فَجعل صَلَعَتَه كالخَطِيطة فَيَقُول لَو مطرَت لم يستكنْ صُؤابها أَي لَا شعر على رَأْسِي فيستكنْ الصؤَاب فِيهِ، قَالَ أَبُو عَليّ: لَيْسَ لقَوْله لَو مُطِرت معنى لِأَن الصلَعةَ لَا تَسْتَكِنُّ فِيهَا الصُّؤَاب مطرَت أَو لم تمطر وَلَكِن لما ذكر الخَطِيطة ذكر مَعهَا الْمَطَر كَمَا سمى الدِّماغ فرخا حِين سمى الهامة أُمّ الدِّمَاغ وَجعل لَهُ نَقْنقة حِين سَمَّاهُ فرخاً وَهَذَا إفراط من القَوْل، ثَابت، قَحِفْ الرَّأْس كلُّ مَا انْفَلق من جُمْجُمة فبانَ وَلَا يُدْعَى قِحْفاً حَتَّى يَبِينَ وَجمعه الأَقْحاف والقِحَفة والقُحُوف وَلَا يَقُولُونَ لجمع الجُمْجُمة قحِفْ إِلَّا أَن يَنْكَسِر، أَبُو عُبَيْدَة، الأَقْحاف الْقَبَائِل وَهِي كل قِطعَة مِنْهَا وَفِي الْمثل رَمَاه بأَقْحاف رَأسه، أَي بالأمور العِظام وَسَيَأْتِي ذكره، الْأَصْمَعِي، قَحَفته أقْحُفه قَحْفاً، كسرت قِحْفَه، أَبُو عُبَيْدَة، صَفائِحُ الرَّأْس قبائلُه واحدتها صَفِيحة، ابْن دُرَيْد، المُخُّ، الدِّمَاغ، اللحياني، ضربت مَكُّوك رَأسه، على التَّشْبِيه بالمَكُّوك من الأَواني، صَاحب الْعين، الصاقُورَة، بَاطِن القِحْفِ المُشْرفُ فَوق الدماغِ كَأَنَّهُ قعْر قَصْعة، الْأَصْمَعِي النَّعَامَة، الْجلْدَة الَّتِي تُغَطِّي الدماغَ، ثَابت، وَفِي الرَّأْس القَبائلُ وَهِي أربعُ قِطَع متقابلاتٌ مُتَشعِّبٌ بَعْضهَا بِبَعْض وللنساء ثلاثُ قبائل، قَالَ، والقَبائِلُ عِظَام الرَّأْس العِرَاضُ وَهِي أطنابُه وَأنْشد: وَإنِّي زَعِيمٌ لِلكَمِيِّ بضربة بأبيضَ مَصْقولٍ شؤن القبائِلِ

الصفحة 73