كتاب التيسير في أحاديث التفسير (اسم الجزء: 1)

ولنتصور كيف يكون شعور الأم إذا زاحمتها بنتها في زوجها، وشعور البنت إذا زاحمتها أمها، وشعور الأخت إذا زاحمتها أختها، فأية أمومة وأية أخوة تبقى وقتئذ بينهن وهن يتصارعن على امتلاك قلب واحد، ويتزاحمن على الاستقلال بفراش واحد.

يضاف إلى ذلك ما نبه إليه شيخ الكتاب المعاصرين الأستاذ عباس محمود العقاد في كتابه (حقائق الإسلام وأباطيل خصومه) أثناء كلامه على الأسرة الإسلامية إذ قال: " والمقاصد من هذا التحريم منوعة لا نحصيها في هذا المقام، أجلها وأجداها توسعة الأسرة ووقايتها من شواجر الخصومة والبغضاء، وأن يتحقق بالزواج من أسباب المودة والنسب ما لم بتحقق بالقرابة " ثم نبه إلى الأهمية الخاصة التي جعلها الله للنسب والمصاهرة، حيث اعتبرهما القرآن الكريم من آيات خلق الإنسان، كما جاء في سورة الفرقان: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا}.

والآن نعود إلى بعض الفقرات في هذه الآيات الكريمة لمزيد البيان والتوضيح.

فقوله تعالى بعد تحريم التزوج بزوجات الآباء {إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ} هو خبر عن عفو الله سبحانه وتعالى، وعدم مؤاخذته بما مضى في الجاهلية من هذا العمل القبيح، إذ كان بعض الأعراب تغلب عليه الحمية لأبيه، فيكره أن يحل أجنبي محل والده، ويخلفه ولده في فراشه.

الصفحة 328