كتاب التيسير في أحاديث التفسير (اسم الجزء: 1)

سيدركهم لا محالة حيثما كانوا قاعدين أو مجاهدين.

وإلى مجموع هذه المعاني يشير قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا * أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ}.

وبعدما وصف كتاب الله ما عليه المذبذبون والمنافقون من غريب الأطوار والأحوال، وما يبيتونه في نفوسهم ويجري على ألسنتهم من سخيف الأقوال، وما يغلب عليهم من ميل إلى التمرد والخلاف، بدلا من التزام الطاعة والتمسك بالائتلاف، اتجه الخطاب الإلهي رأسا إلى الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم، داعيا إياه في نفس السياق إلى القيام بواجب الجهاد الذي كلفه الله به، وألقاه على عاتقه قبل كل الناس، ليبادر إلى أدائه، دون أن ينظر إلى أي اعتبار آخر، وآمرا له في نفس الوقت بأن يحض المؤمنين على الجهاد في سبيل الله، بغض النظر عن تخاذل المتخاذلين، وتثبيط المثبطين، وتراجع ضعفاء النفوس العاجزين، مبينا لرسوله والمؤمنين أن هدف الجهاد في سبيل الله إنما هو كف أذى الكافرين عن المؤمنين، وخضد شوكة المشركين وذلك قوله تعالى: {فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنْكِيلًا}.

ونظرا لأن الهدف الأساسي من القتال في سبيل الله هو تحرير

الصفحة 357