كتاب التيسير في أحاديث التفسير (اسم الجزء: 1)

وعند انتهاء الطائفة الأولى من صلاتها تبادر فتأخذ مراكز الطائفة الأخرى التي حرستها من قبل وتحل محلها في الحراسة، وتأتي الطائفة الثانية لتلتحق بدورها في الصلاة وراء الإمام، الذي يثبت قائما في انتظارها بركعته الثانية، فتأتم به فيها، ثم تضيف إلى الركعة التي أدركتها معه ركعة أخرى وحدها تتم بها ركعتين وتسلم، وفي الحين تعود إلى مراكزها في صف القتال.

وهكذا يحافظ المؤمنون على صلواتهم التي هي صلتهم بالله في كل الظروف، يستمدون عن طريقها المدد الإلهي والعون الروحي لمواجهة مسؤولياتهم بقلب ثابت، وعزم صادق، ويقين في الله لا يداخله أدنى شك أو وهن، وذلك قوله تعالى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا * وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ}.

ومما تجدر ملاحظته في هذا الصدد ما قرره الشارع في كيفية هذه الصلاة من الجمع بين مقتضيات العبادة ومقتضيات الدفاع على أكمل وجه من التوفيق والتنسيق، فأعطى لواجب العبادة حقه من جهة، وأعطى لضرورة الدفاع حقها من جهة أخرى، وهكذا لم يكتف الإسلام من جنوده بالعبادة وحدها مع التفريط في مقتضيات الدفاع والتعرض للخطر، كما لم يكتف منهم بالواجب العسكري وحده والتحرز من العدو، مع نسيان الله وإهمال الصلاة.

الصفحة 374