كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 1)

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ السَّرِيِّ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلُّوَيْهِ الْقَطَّانُ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ بِشْرٍ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمَا. وَحَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَهْلِ بْنِ عَسْكَرٍ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ، ثنا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ مَعْقِلٍ، قَالَ: سَمِعْتُ وَهْبَ بْنَ مُنَبِّهٍ، يَقُولُ: §لَمَّا بَعَثَ اللهُ تَعَالَى مُوسَى وَأَخَاهُ هَارُونَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ إِلَى فِرْعَوْنَ قَالَ: «لَا يُعْجِبَنَّكُمَا زِينَتُهُ وَلَا مَا مُتِّعَ بِهِ , وَلَا تَمُدَّا أَعْيُنَكُمَا إِلَى ذَلِكَ , فَإِنَّهَا زَهْرَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَةُ الْمُتْرَفِينَ , فَإِنِّي لَوْ شِئْتُ أَنْ أُزَيِّنَكُمَا مِنَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ لِيَعْلَمَ فِرْعَوْنُ حِينَ يَنْظُرُ إِلَيْهَا أَنَّ مَقْدِرَتَهُ تَعْجِزُ عَنْ مِثْلِ مَا أُوتِيتُمَا لَفَعَلْتُ , وَلَكِنِّي أَرْغَبُ بِكُمَا عَنْ ذَلِكَ وَأَزْوِيهِ عَنْكُمَا , وَكَذَلِكَ أَفْعَلُ بِأَوْلِيَائِي , وَقَدِيمًا مَا خِرْتُ لَهُمْ فِي ذَلِكَ , فَإِنِّي لَأَذُودُهُمْ عَنْ نَعِيمِهَا وَرَخَائِهَا كَمَا يَذُودُ الرَّاعِي الشَّفِيقُ غَنَمَهُ عَنْ مَرَاتِعِ الْهَلَكَةِ , وَإِنِّي لَأُجَنِّبُهُمْ سَلْوَتَهَا وَعِيشَتَهَا كَمَا يُجَنِّبُ الرَّاعِي الشَّفِيقُ إِبِلَهُ عَنْ مَبَارَكِ الْعُرَّةِ , وَمَا ذَلِكَ لِهَوَانِهِمْ عَلَيَّ , وَلَكِنْ لِيَسْتَكْمِلُوا نَصِيبَهُمْ مِنْ كَرَامَتِي سَالِمًا مَوْفُورًا , لَمْ تَكْلَمْهُ الدُّنْيَا وَلَمْ يُطْغِهِ الْهَوَى , وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَمْ يَتَزَيَّنَ الْعِبَادُ بِزِينَةٍ أَبْلَغَ فِيمَا عِنْدِي مِنَ الزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا , فَإِنَّهَا زِينَةُ الْمُتَّقِينَ , عَلَيْهِمْ مِنْهَا لِبَاسٌ يُعْرَفُونَ بِهِ مِنَ السَّكِينَةِ وَالْخُشُوعِ , سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ , أُولَئِكَ هُمْ أَوْلِيَائِي حَقًّا حَقًّا , فَإِذَا لَقِيتَهُمْ فَاخْفِضْ لَهُمْ جَنَاحَكَ , وَذَلِّلْ لَهُمْ قَلْبَكَ وَلِسَانَكَ , وَاعْلَمْ أَنَّ مَنْ أَهَانَ لِي وَلِيًّا أَوْ -[12]- أَخَافَهُ فَقَدْ بَارَزَنِي بِالْمُحَارَبَةِ وَبَادَأَنِي , وَعَرَّضَ لِي نَفْسَهُ وَدَعَانِي إِلَيْهَا , وَأَنَا أَسْرَعُ شَيْءٍ إِلَى نُصْرَةِ أَوْلِيَائِي , أَفَيَظُنُّ الَّذِي يُحَارِبُنِي أَنْ يَقُومَ لِي؟ أَوْ يَظُنُّ الَّذِي يُعَادِينِي أَنْ يُعْجِزَنِي؟ أَوْ يَظُنُّ الَّذِي يُبَارِزُنِي أَنْ يَسْبِقَنِي أَوْ يَفُوتَنِي؟ فَكَيْفَ وَأَنَا الثَّائِرُ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ؟ لَا أَكِلُ نُصْرَتَهُمْ إِلَى غَيْرِي». زَادَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عِيسَى فِي حَدِيثِهِ: فَاعْلَمْ يَا مُوسَى أَنَّ أَوْلِيَائِي الَّذِينَ أَشْعَرُوا قُلُوبَهُمْ خَوْفِي , فَيَظْهَرُ عَلَى أَجْسَادِهِمْ فِي لِبَاسِهِمْ وَجَهْدِهِمُ الَّذِي يَفُوزُونَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ , وَأَمَلُهُمُ الَّذِي بِهِ يُذْكَرُونَ , وَسِيمَاهُمُ الَّذِي بِهِ يُعْرَفُونَ , فَإِذَا لَقِيتَهُمْ فَذَلِّلْ لَهُمْ نَفْسَكَ

الصفحة 11