كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 1)

حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مِقْسَمٍ، حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ يُوسُفَ الشِكْلِيُّ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ الْبَارِي: قُلْتُ لِذِي النُّونِ الْمِصْرِيِّ رَحِمَهُ اللهُ: " §صِفْ لِيَ الْأَبْدَالَ , فَقَالَ: " إِنَّكَ لَتَسْأَلُنِي عَنْ دَيَاجِي الظُّلَمِ، لَأَكْشِفَنَّهَا لَكَ عَبْدَ الْبَارِي , هُمْ قَوْمٌ ذَكَرُوا اللهَ عَزَّ وَجَلَّ بِقُلُوبِهِمْ تَعْظِيمًا لِرَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ لِمَعْرِفَتِهِمْ بِجَلَالِهِ فَهُمْ حُجَجُ اللهِ تَعَالَى عَلَى خَلْقِهِ , أَلْبَسَهُمُ النُّورَ السَّاطِعَ مِنْ مَحَبَّتِهِ , وَرَفَعَ لَهُمْ أَعْلَامَ الْهِدَايَةِ إِلَى مُوَاصَلَتِهِ , وَأَقَامَهُمْ مَقَامَ الْأَبْطَالِ لِإِرَادَتِهِ , وَأَفْرَغَ عَلَيْهِمُ الصَّبْرَ عَنْ مُخَالَفَتِهِ , وَطَهَّرَ أَبْدَانَهُمْ بِمُرَاقَبَتِهِ , وَطَيَّبَهُمْ بِطِيبِ أَهْلِ مُجَامَلَتِهِ , وَكَسَاهُمْ حُلَلًا مِنْ نَسْجِ مَوَدَّتِهِ , وَوَضَعَ عَلَى رُءُوسِهِمْ تِيجَانَ مَسَرَّتِهِ , ثُمَّ أَوْدَعَ الْقُلُوبَ مِنْ ذَخَائِرِ الْغُيُوبِ , فَهِيَ مُعَلَّقَةٌ بِمُوَاصَلَتِهِ , فَهُمُومُهُمْ إِلَيْهِ ثَائِرَةٌ , وَأَعْيُنُهُمْ إِلَيْهِ بِالْغَيْبِ نَاظِرَةٌ , قَدْ أَقَامَهُمْ عَلَى بَابِ النَّظَرِ مِنْ قُرْبِهِ , وَأَجْلَسَهُمْ عَلَى كَرَاسِي أَطِبَّاءِ أَهْلِ مَعْرِفَتِهِ , ثُمَّ قَالَ: إِنْ أَتَاكُمْ عَلِيلٌ مِنْ فَقْرِي فَدَاوُوهُ , أَوْ مَرِيضٌ مِنْ فُرَاقِي فَعَالِجُوهُ , أَوْ خَائِفٌ مِنِّي فَأَمِّنُوهُ , أَوْ آمِنٌ مِنِّي فَحَذَّرُوهُ , أَوْ رَاغِبٌ فِي مُوَاصَلَتِي فَهَنُّوهُ , أَوْ رَاحِلٌ نَحْوِي فَزَوِّدُوهُ , أَوْ جَبَانٌ فِي مُتَاجَرَتِي فَشَجِّعُوهُ , أَوْ آيِسٌ مِنْ فَضْلِي فُعِدُوهُ , أَوْ رَاجٍ لِإِحْسَانِي فَبَشِّرُوهُ , أَوْ حَسَنُ الظَّنِّ بِي فَبَاسِطُوهُ , أَوْ مُحِبٌّ لِي فَوَاظِبُوهُ , أَوْ مُعَظِمٌ لِقَدْرِي فَعَظِّمُوهُ , أَوْ مُسْتَوْصِفُكُمْ نَحْوِي فَأَرْشِدُوهُ , أَوْ مُسِيءٌ بَعْدَ إِحْسَانٍ فَعَاتِبُوهُ , وَمَنْ وَاصَلَكُمْ فِيَّ فَوَاصِلُوهُ , وَمَنْ غَابَ عَنْكُمْ فَافْتَقِدُوهُ , وَمَنْ أَلْزَمَكُمْ جِنَايَةً فَاحْتَمِلُوهُ , وَمَنْ قَصَّرَ فِي وَاجِبِ حَقِّي فَاتْرُكُوهُ , وَمَنْ أَخْطَأَ خَطِيئَةً فَنَاصِحُوهُ , وَمَنْ مَرِضَ مِنْ أَوْلِيَائِي فَعُودُوهُ ,

الصفحة 12