كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 1)

فَقَالَ: " مَنْ صَفَّا قَلْبُهُ فَصَفَى , وَسَلَكَ طَرِيقَ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَرَمَى الدُّنْيَا خَلْفَ الْقَفَا , وَأَذَاقَ الْهَوَى طَعْمَ الْجَفَا , قُلْتُ لَهُ: هَذَا الصُّوفِيُّ , مَا التَّصَوُّفُ؟ قَالَ: التَّأَلُّفُ وَالتَّطَرُّفُ , وَالْإِعْرَاضُ عَنِ التَّكَلُّفِ ". قُلْتُ لَهُ: أَحْسَنُ مِنْ هَذَا مَا التَّصَوُّفُ؟ فَقَالَ: «تَسْلِيمٌ، تَصْفِيَةُ الْقُلُوبِ لِعَلَّامِ الْغُيُوبِ» فَقُلْتُ لَهُ: أَحْسَنُ مِنْ هَذَا مَا التَّصَوُّفُ؟ فَقَالَ: «تَعْظِيمُ أَمْرِ اللهِ , وَشَفَقَتِهِ عَلَى عِبَادِ اللهِ». فَقُلْتُ لَهُ: أَحْسَنُ مِنْ هَذَا مَنِ الصُّوفِيُّ؟ قَالَ: «مَنْ صَفَا مِنَ الْكَدَرِ , وَخَلُصَ مِنَ الْعَكَرِ , وَامْتَلَأَ مِنَ الْفِكَرِ , وَتَسَاوَى عِنْدَهُ الذَّهَبُ وَالْمَدَرُ»
وَسَمِعْتُ أَبَا الْفَضْلِ نَصْرَ بْنَ أَبِي نَصْرٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ عَلِي بْنَ مُحَمَّدٍ الْمِصْرِيَّ يَقُولُ: سُئِلَ السَّرِيُّ السَّقْطِيُّ عَنِ التَّصَوُّفِ فَقَالَ: «§التَّصَوُّفُ خُلُقٌ كَرِيمٌ , يُخْرِجُهُ الْكَرِيمُ إِلَى قَوْمٍ كِرَامٍ»
سَمِعْتُ أَبَا هَمَّامٍ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مُجِيبٍ الصُّوفِيَّ , " §وَسُئِلَ عَنِ الصُّوفِيِّ، فَقَالَ: «لِنَفْسِهِ ذَابِحٌ , وَلِهَوَاهُ فَاضِحٌ , وَلِعَدُوِّهِ جَارِحٌ , وَلِلْخَلْقِ نَاصِحٌ , دَائِمٌ الْوَجَلَ , يُحْكِمُ الْعَمَلَ , وَيُبْعِدُ الْأَمَلَ , وُيَسُدُّ الْخَلَلَ , وَيُغْضِي عَلَى الزَّلَلِ , عُذْرُهُ بُضَاعَةٌ , وَحُزْنُهُ صِنَاعَةٌ , وَعَيْشُهُ قَنَاعَةٌ , بِالْحَقِّ عَارِفٌ , وَعَلَى الْبَابِ عَاكِفٌ , وَعَنِ الْكُلِّ عَازِفٌ , تَرْبِيَةُ بِرِّهِ , وَشَجَرَةُ وُدِّهِ , وَرَاعِي عَهْدِهِ» قَالَ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللهُ: وَذَكَرْنَا فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ كَثِيرًا مِنْ أَجْوِبَةِ مَشْيِخَتِهِمْ فِي التَّصَوُّفِ , وَاخْتِلَافِ عِبَارَاتِهِمْ , وَكُلٌّ قَدْ أَجَابَ عَنْ حَالِهِ وَيَشْتَمِلُ كَلَامُ الْمُتَصَوِّفَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ: فَأَوَّلُهَا إِشَارَاتُهُمْ إِلَى التَّوْحِيدِ. وَالثَّانِي كَلَامُهُمْ فِي الْمُرَادِ وَمَراتِبِهِ , وَالثَّالِثُ فِي الْمُرِيدِ وَأَحْوَالِهِ. ثُمَّ لِكُلِّ نَوْعٍ مِنَ الثَّلَاثَةِ مَسَائِلُ وَفُرُوعٌ , يَكْثُرُ تِعْدَادُهَا , فَأَوَّلُ أُصُولِهُمُ الْعِرْفَانُ , ثُمَّ إِحْكَامُ الْخِدْمَةِ وَالْإِدْمَانِ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَمْدَانَ، ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ، ثَنَا أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامٍ، ثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، ثَنَا رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ صَيْفِيٍّ، عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمَا , أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا بَعَثَ مُعَاذًا إِلَى الْيَمَنِ قَالَ: «§إِنَّكَ تَقْدُمُ عَلَى قَوْمٍ أَهْلِ كِتَابٍ , فَلْيَكُنْ أَوَّلَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ عِبَادَةُ اللهِ -[24]- عَزَّ وَجَلَّ , فَإِذَا عَرَفُوا اللهَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي يَوْمِهِمْ وَلَيْلَتِهِمْ , فَإِذَا فَعَلُوا فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ زَكَاةً تُؤْخَذُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ»

الصفحة 23