كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 1)
حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الْيَقْطِينِيُّ، ثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْقَطَّانُ، ثَنَا عَامِرُ بْنُ سَيَّارٍ، ثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ بَهْرَامَ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ، مِنْ حَدِيثِ الْحَارِثِ بْنِ عَمِيرَةَ قَالَ: " طُعِنَ مُعَاذٌ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ، وَشُرَحْبِيلُ بْنُ حَسَنَةَ، وَأَبُو مَالِكٍ الْأَشْعَرِيُّ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ، فَقَالَ مُعَاذٌ: " إِنَّهُ رَحْمَةُ رَبِّكُمْ عَزَّ وَجَلَّ، وَدَعْوَةُ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَبْضُ الصَّالِحِينَ قَبْلَكُمْ، اللهُمَّ آتِ آلَ مُعَاذٍ النَّصِيبَ الْأَوْفَرَ مِنْ هَذِهِ الرَّحْمَةِ، فَمَا أَمْسَى حَتَّى طُعِنَ ابْنُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، بِكْرُهُ الَّذِي كَانَ يُكَنَّى بِهِ وَأَحَبُّ الْخَلْقِ إِلَيْهِ، فَرَجَعَ مِنَ الْمَسْجِدِ فَوَجَدَهُ مَكْرُوبًا فَقَالَ: «يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ، كَيْفَ أَنْتَ؟» فَاسْتَجَابَ لَهُ فَقَالَ: يَا أَبَتِ {الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ} [آل عمران: 60]، فَقَالَ مُعَاذٌ: «وَأَنَا إِنْ شَاءَ اللهُ سَتَجِدُنِي مِنَ الصَّابِرِينَ» فَأَمْسَكَهُ لَيْلَةً ثُمَّ دَفَنَهُ مِنَ الْغَدِ، فَطُعِنَ مُعَاذٌ فَقَالَ حِينَ اشْتَدَّ بِهِ النَّزْعُ - نَزْعُ الْمَوْتِ - فَنَزَعَ نَزْعًا لَمْ يَنْزِعْهُ أَحَدٌ، وَكَانَ كُلَّمَا أَفَاقَ مِنْ غَمْرَةٍ فَتَحَ طَرْفَهُ ثُمَّ قَالَ: §رَبِّ اخْنُقْنِي خَنْقَتَكَ، فَوَعِزَّتِكَ إِنَّكَ لَتَعْلَمُ أَنَّ قَلْبِي يُحِبُّكَ "
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، ثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي عَاصِمٍ، ثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدٍ، ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ رَجُلٍ، مِنْ أَهْلِ الشَّامِ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا مُعَاذُ، انْطَلِقْ فَارْحَلْ رَاحِلَتَكَ، ثُمَّ ائْتِنِي أَبْعَثْكَ إِلَى الْيَمَنِ» فَانْطَلَقْتُ فَرَحَلْتُ رَاحِلَتِي ثُمَّ جِئْتُ فَوَقَفْتُ بِبَابِ الْمَسْجِدِ حَتَّى أَذِنَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخَذَ بِيَدِي ثُمَّ مَضَى مَعِي فَقَالَ: «يَا مُعَاذُ، إِنِّي §أُوصِيكَ -[241]- بِتَقْوَى اللهِ، وَصِدْقِ الْحَدِيثِ، وَوَفَاءٍ بِالْعَهْدِ، وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ، وَتَرْكِ الْخِيَانَةِ، وَرَحْمَةِ الْيَتِيمِ، وَحِفْظِ الْجَارِ، وَكَظْمِ الْغَيْظِ، وَخَفْضِ الْجَنَاحِ، وَبَذْلِ السَّلَامِ، وَلِينِ الْكَلَامِ، وَلُزُومِ الْإِيمَانِ، وَالتَّفَقُّهِ فِي الْقُرْآنِ، وَحُبِّ الْآخِرَةِ، وَالْجَزَعِ مِنَ الْحِسَابِ، وَقِصَرِ الْأَمَلِ، وَحَسَنِ الْعَمَلِ، وَأَنْهَاكَ أَنْ تَشْتُمَ مُسْلِمًا، أَوْ تُكَذِّبَ صَادِقًا، أَوْ تُصَدِّقَ كَاذِبًا، أَوْ تَعْصِيَ إِمَامًا عَادِلًا»
الصفحة 240