كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 1)

وَلَا يُلْهِيهِمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ تِجَارَةٌ وَلَا حَالٌ، لَمْ يَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَهُمْ مِنَ الدُّنْيَا، وَلَا يَفْرَحُونَ إِلَّا بِمَا أُيِّدُوا بِهِ مِنَ الْعُقْبَى، كَانَتْ أَفْرَاحُهُمْ بِمَعْبُودِهِمْ وَمَلِيكِهِمْ، وَأَحْزَانُهُمْ عَلَى فَوْتِ الِاغْتِنَامِ مِنْ أَوْقَاتِهِمْ وَأَوْرَادِهِمْ، هُمُ الرِّجَالُ الَّذِينَ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ، وَلَمْ يَأْسُوا عَلَى مَا فَاتَهُمْ، وَلَمْ يَفْرَحُوا بِمَا آتَاهُمْ، حَمَاهُمْ مَلِيكُهُمْ عَنِ التَّمَتُّعِ بِالدُّنْيَا وَالتَّبَسُّطِ فِيهَا لِكَيْلَا يَبْغُوا وَلَا يَطْغَوْا، رَفَضُوا الْحُزْنَ عَلَى مَا فَاتَ مِنْ ذَهَابٍ وَشَتَاتٍ، وَالْفَرَحَ بِصَاحِبِ نَسَبٍ إِلَى بِلًى وَرُفَاتٍ
حَدَّثَنَا أَبِي، ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ، ثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو هَانِئٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ حُرَيْثٍ، وَغَيْرَهُ، يَقُولُونَ: إِنَّمَا §نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي أَصْحَابِ الصُّفَّةِ: {وَلَوْ بَسَطَ اللهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ} [الشورى: 27]، ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا: لَوْ أَنَّ لَنَا فَتَمَنَّوُا الدُّنْيَا " رَوَاهُ حَيْوَةُ، عَنْ أَبِي هَانِئٍ
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى الْحُلْوَانِيُّ، ثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ حَيْوَةَ بْنِ شُرَيْحٍ، عَنْ أَبِي هَانِئٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ حُرَيْثٍ، يَقُولُ: " §نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي أَهْلِ الصُّفَّةِ: {وَلَوْ بَسَطَ اللهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ} [الشورى: 27]، قَالَ: لِأَنَّهُمْ تَمَنَّوُا الدُّنْيَا " قَالَ الشَّيْخُ: زَوَى الله عَزَّ وَجَلَّ عَنْهُمُ الدُّنْيَا وَقَبَضَهَا إِبْقَاءً عَلَيْهِمْ وَصَوْنًا لَهُمْ لِئَلَّا يَطْغَوْا، فَصَارُوا فِي حِمَاهُ مَحْفُوظِينَ مِنَ الْأَثْقَالِ، وَمَحْرُوسِينَ مِنَ الْأَشْغَالِ، لَا تُذْهِلُهُمُ الْأَمْوَالُ، وَلَا تَتَغَيَّرُ عَلَيْهِمُ الْأَحْوَالُ
حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ حَمْدَانَ، ثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ سُفْيَانَ، ثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ، ثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: قَالَ أَبِي: ثَنَا أَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، " أَنَّ أَصْحَابَ الصُّفَّةِ، كَانُوا أُنَاسًا فُقَرَاءَ، وَأَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «§مَنْ كَانَ عِنْدَهُ طَعَامُ اثْنَيْنِ فَلْيَذْهَبْ بِثَالِثٍ، وَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ طَعَامُ أَرْبَعَةٍ فَلْيَذْهَبْ بِخَامِسٍ، بِسَادِسٍ» أَوْ كَمَا قَالَ، وَأَنَّ أَبَا بَكْرٍ جَاءَ بِثَلَاثَةٍ، وَانْطَلَقَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَشَرَةٍ " هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، ثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا عُمَرُ بْنُ ذَرٍّ، ثَنَا مُجَاهِدٌ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَالَ: " مَرَّ بِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «أَبَا هِرٍّ» -[339]- فَقُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: «§الْحَقْ أَهْلَ الصُّفَّةِ فَادْعُهُمْ»، قَالَ: وَأَهْلُ الصُّفَّةِ أَضْيَافُ الْإِسْلَامِ لَا يَأْوُونَ عَلَى أَهْلٍ وَلَا مَالٍ، إِذَا أَتَتْهُ صَدَقَةٌ بَعَثَ بِهَا إِلَيْهِمْ، وَلَمْ يَتَنَاوَلْ مِنْهَا شَيْئًا، وَإِذَا أَتَتْهُ هَدِيَّةٌ أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ وَأَصَابَ مِنْهَا وَأَشْرَكَهُمْ فِيهَا " صَحِيحٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ

الصفحة 338