كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 1)

مِنْ أَعْلَامِ الْمُتَحَقِّقِينَ مِنَ الْمُتَصَوِّفَةِ وَأَئِمَّتِهِمْ. وَتَرْتِيبِ طَبَقَاتِهِمْ مِنَ النُّسَّاكِ وَمَحَجَّتِهِمْ، مِنْ قَرْنِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَتَابِعِيهِمْ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِمَّنْ عَرَفَ الْأَدِلَّةَ وَالْحَقَائِقَ، وَبَاشَرَ الْأَحْوَالَ وَالطَّرَائِقَ، وَسَاكَنَ الرِّيَاضَ وَالْحَدَائِقَ، وَفَارَقَ الْعَوَارِضَ وَالْعَلَائِقَ، وَتَبَرَّأَ مِنَ الْمُتَنَطِّعِينَ وَالْمُتَعَمِّقِينَ، وَمِنْ أَهْلِ الدَّعَاوِي مِنَ الْمُتْسَوِّفِينَ مِنَ الْكُسَالَى وَالْمُتَثَبِّطِينَ الْمُتَشَبِّهِينَ بِهِمْ فِي اللِّبَاسِ وَالْمَقَالِ، وَالْمُخَالِفِينَ لَهُمْ فِي الْعَقِيدَةِ وَالْفِعَالِ. وَذَلِكَ لِمَا بَلَغَكَ مِنْ بَسْطِ لِسَانِنَا وَلِسَانِ أَهْلِ الْفِقْهِ وَالْآثَارِ فِي كُلِّ الْقُطْرِ وَالْأَمْصَارِ فِي الْمُنْتَسِبِينَ إِلَيْهِمْ مِنَ الْفَسَقَةِ وَالْفُجَّارِ، وَالْمُبَاحِيَّةِ وَالْحَلُولِيَّةِ الْكُفَّارِ، وَلَيْسَ مَا حَلَّ بِالْكَذَبَةِ مِنَ الْوَقِيعَةِ وَالْإِنْكَارِ، بِقَادِحٍ فِي مَنْقَبَةِ الْبَرَرَةِ الْأَخْيَارِ، وَوَاضِعٍ مِنْ دَرَجَةِ الصَّفْوَةِ الْأَبْرَارِ، بَلْ فِي إِظْهَارِ الْبَرَاءَةِ مِنَ الْكَذَّابِينَ وَالنَّكِيرِ عَلَى الْخَوَنَةِ الْبَطَّالِينَ نَزَاهَةً لِلصَّادِقِينَ وَرِفْعَةً لِلْمُتَحَقِّقِينَ. وَلَوْ لَمْ نَكْشِفْ مِنْ مَخَازِي الْمُبْطِلِينَ وَمَسَاوِيهِمْ دِيَانَةً، لَلَزَمَنَا إِبَانَتَهَا وَإِشَاعَتَهَا حِمَايَةً وَصِيَانَةً، إِذْ لِأَسْلَافِنَا فِي التَّصَوُّفِ الْعِلْمُ الْمَنْشُورُ، وَالصَّيْتُ وَالذِّكْرُ الْمَشْهُورُ، فَقَدْ كَانَ جَدِّي مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْبَنَّا رَحِمَهُ اللهُ أَحَدَ مَنْ نَشَرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ ذِكْرَ بَعْضِ الْمُنْقَطِعِينَ إِلَيْهِ، وَعَمَّرَ بِهِ أَحْوَالَ كَثِيرٍ مِنَ الْمُقْبِلِينَ عَلَيْهِ. وَكَيْفَ نَسْتَجِيزُ نَقِيصَةَ أَوْلِيَاءِ اللهِ تَعَالَى وَمُؤْذِيهِمْ مُؤْذِنٌ بِمُحَارَبَةِ اللهِ، وَهُوَ مَا
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْزَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدَةَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْمُؤَمَّلِ , وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ السَّرَّاجُ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ كَرَامَةَ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ، عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ: «§مَنْ آذَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ , وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَفْضَلَ مِنْ أَدَاءِ مَا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ , وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ , فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ -[5]- الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ , وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ , وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا , وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا , فَلَئِنْ سَأَلَنِي عَبْدِي أَعْطَيْتُهُ , وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأَعَذْتُهُ , وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ، يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَكْرَهُ إِسَاءَتَهُ , أَوْ مُسَاءَتَهُ»

الصفحة 4