كتاب أمالي ابن الشجري (اسم الجزء: 1)

والبيت المنسوب إلى الحارث بن كلدة (¬1) من مقطوعة متضمّنة ألطف عتاب وأحسنه، قالها وقد خرج إلى الشام، فكتب إلى بنى عمّه فلم يجيبوه، وهى:
ألا أبلغ معاتبتى وقولى … بنى عمّى فقد حسن العتاب (¬2)
وسل هل كان لى ذنب إليهم … هم منه فأعتبهم غضاب
كتبت إليهم كتبا مرارا … فلم يرجع إلىّ لها جواب
فما أدرى أغيّرهم تناء … وطول العهد أم مال أصابوا
فمن يك لا يدوم له وصال … وفيه حين يغترب انقلاب
فعهدى دائم لهم وودّي … على حال إذا شهدوا وغابوا
وإنما قال: «أم مال أصابوا» لأن الغنى فى أكثر الناس يغيّر الإخوان على إخوانهم. فمن ذلك ما روى أنّ أبا الهول (¬3) الشاعر كان له صديق ضرب فى البلاد فأيسر، فاحتاج أبو الهول إليه فلم يجده بحيث يحبّ، فكتب إليه:
/لئن كانت الدنيا أنالتك ثروة … فأصبحت فيها بعد عسر أخا يسر (¬4)
لقد كشف الإثراء منك خلائقا … من اللّؤم كانت تحت ثوب من الفقر
¬_________
(¬1) الحارث بن كلدة-بفتح الكاف واللام-عرف بطبيب العرب، من ثقيف، وهو من أهل الطائف، رحل إلى فارس، وأخذ الطبّ فى مدرسة جنديسابور، ثم عاد إلى بلاده، وتوفى نحو سنة 13، واختلف فى إسلامه. طبقات الأطباء والحكماء ص 54، وتاريخ الحكماء ص 161، وأسد الغابة 1/ 413، والمؤتلف والمختلف ص 261.
(¬2) الأبيات فى الحماسة الشجرية 1/ 260، والبيت الشاهد-وهو الرابع-أعاده المصنف فى المجلسين، المتمّ الأربعين، والسابع والسبعين، وهو فى الكتاب 1/ 88،130، والأزهية ص 146، والتبصرة ص 328،331، وشرح المفصل 6/ 89، وشرح ابن عقيل 2/ 156، والبحر المحيط 1/ 190،219، ومعجم الشواهد ص 48.
(¬3) أبو الهول الحميرىّ، اسمه عامر بن عبد الرحمن، شاعر مقلّ، من شعراء الدولة العباسية. انظر حواشى البيان والتبيين 3/ 351، وطبقات الشعراء لابن المعتزّ ص 153.
(¬4) البيتان لأبى الهول فى الحماسة الشجرية 1/ 289، والحماسة البصرية 2/ 267، فى هجاء طلحة بن معمر التيمىّ، ومن غير نسبة فى كتاب الآداب لجعفر بن شمس الخلافة ص 116، وشرح شواهد الكشاف 4/ 327. وفى زهر الآداب ص 828 أن محمد بن الحسن بن سهل كتب البيتين لصديق له رأى منه-

الصفحة 10