كتاب أمالي ابن الشجري (اسم الجزء: 1)

هذا إلا فى الشعر (¬1)، وأنشدوا شاهدا عليه:
كأنه وجه تركيّين قد غضبا … مستهدفين لطعن غير تذبيب (¬2)
ذبّ فلان عن فلان: دفع عنه، وذبّب فى الطعن والدفع: إذا لم يبالغ فيهما.
قال سيبويه (¬3): وسألته، يعنى الخليل، عن قولهم: ما أحسن وجوههما [فجمعوا وهم يريدون اثنين (¬4)] فقال: لأن الاثنين جميع، وهذا بمنزلة قول الاثنين: نحن فعلنا [ذاك (¬5)]، ولكنهم أرادوا أن يفرّقوا بين ما يكون مفردا (¬6)، وبين ما يكون شيئا من شيء.
/والقول فى تفسير هذه الحكاية: أنهم قالوا: ما أحسن وجوه الرجلين، فاستعملوا الجمع موضع الاثنين، كما قال الاثنان: نحن فعلنا، ونحن إنما هو ضمير موضوع للجماعة، وإنما استحسنوا ذلك لما بين التثنية والجمع من التقارب، من
¬_________
(¬1) قال البغدادى: «والعجب من ابن الشجرى فى حمله الإفراد على ضرورة الشعر؛ فإنه لم يقل أحد إنه من قبيل الضرورة. . . وتبعه ابن عصفور فى كتاب ضرائر الشعر، والصحيح أنه غير مختص بالشعر» الخزانة 3/ 371. هذا كلام البغدادى، وفيه نظر، فإن عبارة «ولا يكادون يستعملون هذا إلاّ فى الشعر» تؤذن بأنه قد يستعمل فى سعة الكلام أيضا.
(¬2) للفرزدق. ديوانه ص 371، ورواية العجز فيه: مستهدف لطعان غير منحجر وقد أنشد البغدادى البيت عن ابن الشجرى، ثم قال: «والبيت الشاهد قافيته رائية لا بائية» ويبدو أن ابن الشجرى قد تابع الفراء فى إنشاد البيت على قافية الباء، فإنه رواه هكذا فى معانى القرآن 1/ 308. وقد جاءت هذه القافية فى بيت للفرزدق، فى ديوانه ص 25، من قصيدة يمدح بها الحكم بن أيوب الثقفى. قال: مجاهد لعداة الله محتسب جهادهم بضراب غير تذبيب وانظر التبصرة ص 684، والبيان لأبى البركات الأنبارى 1/ 291، وشرح المفصل 4/ 157، وشرح الجمل 1/ 421،2/ 444.
(¬3) الكتاب 2/ 48.
(¬4) لم يرد عند سيبويه، ولا عند البغدادى فيما حكاه فى الخزانة 3/ 368.
(¬5) زيادة من الكتاب والخزانة.
(¬6) فى الكتاب والخزانة: «منفردا» وكذلك فيما يأتى.

الصفحة 17