كتاب أمالي ابن الشجري (اسم الجزء: 1)

وشرفه، فأعطاه عطاءه على تمامه، ولم يفعل ذلك مع أحد غيره، فكان ذلك آخر ما قبض [من العطاء (¬1)].
وكان لبيد آلى على نفسه فى الجاهلية ألاّ تهبّ الصّبا إلاّ نحر وأطعم الناس حتى تسكن، وألزم ذلك (¬2) نفسه فى الإسلام، وخطب الوليد بن عقبة بن أبى معيط الناس بالكوفة فى يوم صبا، فقال: معاشر الناس، إن أخاكم لبيد بن ربيعة آلى على نفسه فى الجاهلية ألاّ تهبّ الصّبا إلا نحر وأطعم الناس حتى تسكن، وأقام على سنّته فى الإسلام، وهذا اليوم من أيامه فأعينوه، وأنا أول من يعينه، ونزل عن المنبر، فبعث إليه بمائة بكرة، وكتب إليه بهذه الأبيات:
أرى الجزّار يشحذ شفرتيه … إذا هبّت رياح أبى عقيل (¬3)
أشمّ الأنف أصيد عامرىّ … طويل الباع كالسيف الصّقيل
وفى ابن الجعفرىّ بما عليه … على العلاّت والمال القليل
فلما وصلت الأبيات إلى لبيد، قال لبنت له: يا بنيّة أجيبيه، فقد رأيتنى وما أعيا بجواب شاعر، فقالت:
إذا هبّت رياح أبى عقيل … دعونا عند هبّتها الوليدا
أشمّ الأنف أصيد عبشميّا … أعان على مروءته لبيدا
بأمثال الهضاب كأنّ ركبا … عليها من بنى حام قعودا
أبا وهب جزاك الله خيرا … نحرناها وأطعمنا الثريدا
فعد إنّ الكريم له معاد … وظنّى بابن أروى أن يعودا
¬_________
(¬1) ليس فى هـ‍.
(¬2) فى هـ‍ «وألزم نفسه ذلك. . .»، وما فى الأصل مثله فى الحماسة الشجرية 1/ 378.
(¬3) الأبيات فى الأغانى، والشعر والشعراء، والحماسة الشجرية، وجمهرة أشعار العرب 1/ 87، وشرح القصائد السبع ص 515.

الصفحة 21