كتاب أمالي ابن الشجري (اسم الجزء: 1)

ومعنى «تستطار»: تستخفّ، ويحتمل قوله «وتستطارا» وجهين من الإعراب، أحدهما: أن يكون مجزوما معطوفا على جواب الشرط، وأصله:
تستطاران، فسقطت نونه للجزم، فالألف على هذا ضمير عائد على الرّوانف، وعاد إليها وهى جمع ضمير تثنية، لأنها من الجموع الواقعة فى مواقع التثنية، نحو قولك:
وجوه الرجلين، فعاد الضمير على معناها دون لفظها، إذ المعنى رانفتا أليتيك، كما أن معنى الوجوه من قولك: حيّا الله وجوهكما، معنى الوجهين، لأنه لا يكون لواحد أكثر من وجه، كما أنه ليس للألية إلا رانفة واحدة.
والوجه الثانى: أن يكون نصبا على الجواب بالواو، بتقدير: وأن تستطارا (¬1)، فالألف على هذا لإطلاق القافية، والتاء للخطاب، وهى فى الوجه الأول للتأنيث، ويجوز أن تجعل التاء فى هذا الوجه أيضا لتأنيث الرّوانف، وجاء الجواب بعد الشرط والجزاء، كما يجيء بعد الكلام الذى ليس بواجب، كالنهى والنفى فى قولهم: «لا تأكل السمك وتشرب اللبن»، و «لا يسعنى شيء ويعجز عنك»، ومثله فى انتصاب الجواب بالواو بعد الشرط والجزاء قول الله عز وجل: {إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَواكِدَ عَلى ظَهْرِهِ} -ثم قال: - {أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِما كَسَبُوا وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ. وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجادِلُونَ} (¬2) ومن قرأ: {وَيَعْلَمَ} رفعا-وهو نافع (¬3) وابن عامر-استأنفه، ومثله فى النصب على الجواب بعد الواو قول النابغة (¬4):
فإن يهلك أبو قابوس يهلك … ربيع الناس والشّهر الحرام
ونأخذ بعده بذناب عيش … أجبّ الظّهر ليس له سنام
¬_________
(¬1) سيأتى الكلام على هذا والذى بعده فى المجلس الرابع والأربعين.
(¬2) سورة الشورى 33 - 35.
(¬3) السبعة لابن مجاهد ص 581، وانظر معانى القرآن 3/ 24، وإعراب القرآن للنحاس 3/ 63.
(¬4) ديوانه ص 231، وقد استشهد المصنف بالبيت الثانى فى المجلس التاسع والخمسين. وانظر معجم لشواهد ص 351، والتبيين للعكبرى ص 287.

الصفحة 29