ثم ردّوها، ففتحوا الدال لالتقاء الساكنين، تشبيها للدال بآخر الفعل مع النون الخفيفة، فى نحو: {لَنَسْفَعاً} (¬1) ولا يكون هذا العمل إلا مع غدوة، قال أبو زيد:
قالوا (¬2): جئت فلانا لدن غدوة، ففتحوا الدال. وقال سيبويه: شبّهوها بالخفيفة مع الفعل، ففتحوا الدال، كما فتحوا آخر الفعل.
قال أبو علىّ: ولم يكن حقّها أن تحذف النون منها، لأن الحذف إنما يكون فى الأسماء المتمكّنة، ولمّا أشبه «لدن» الحروف، لم يحسن الحذف منه، فاستكرهوه وجعلوا النون بمنزلة الزائد، وقد أضيف إلى الفعل فى قول القطامىّ (¬3):
صريع غوان راقهنّ ورقنه … لدن شبّ حتّى شاب سود الذّوائب
ويمكن أن تكون إضافته إلى الفعل، كإضافة «حيث» إليه، لأنه فى الإبهام مثله، ويمكن أن يكون المعنى: لدن أن شبّ، فحذف «أن» ويقوّى ذلك ثبات «أن» فى قول الأعشى (¬4):
أرانى لدن أن غاب رهطى كأنّما … يرى (¬5) بى فيكم طالب الضّيم أرنبا
وقال أبو علىّ أيضا: فأمّا ما روي عن عاصم من قراءته {لَدُنْهُ} (¬6) فالكسرة فيه
¬_________
(¬1) سورة العلق 15.
(¬2) أى القشيريون، كما صرّح أبو زيد فى النوادر ص 472، وانظر لإعراب «غدوة» هنا كتاب الشعر ص 9، والمسائل المنثورة ص 298.
(¬3) ديوانه ص 44، والمغنى ص 157، وشرح أبياته 3/ 391، والهمع 1/ 215، والأشباه والنظائر 2/ 186، والتصريح على التوضيح 2/ 46، والخزانة 7/ 86.
(¬4) ديوانه ص 115.
(¬5) فى هـ: «يرانى». ورواية الديوان وشرح ديوان المتنبى 2/ 242: يرانى فيهم طالب الحق أرنبا وقد نبهت من قبل على أن شارح ديوان المتنبى ينقل عن ابن الشجرى.
(¬6) سورة الكهف 2، وقال ابن مجاهد: «قرأ عاصم فى رواية أبى بكر: (من لدنهى) بفتح اللام، وإشمام الدال الضمة، وكسر النون والهاء، ويصل الهاء بياء فى الوصل، ولم يقرأ بذلك أحد غيره» السبعة ص 388، والكشف لمكّى 2/ 54، وانظر حاشية الصبان على الأشمونى 2/ 264.