كتاب أمالي ابن الشجري (اسم الجزء: 1)

علق الأحشاء من هند علق … مستسرّ فيه نصب وأرق
أراد: جننت بها لعلاقة، أى لحبّ شديد، ويجوز أن تنصب «علاقة» على البدل من «جنونا»، وقوله: «علاقة حبّ» بدل من قوله: «علاقة» كما تقول:
لقيت غلاما غلام بزّاز، فتبين الأول بالثانى.
و «مستسرّا» نصب على النعت لقوله: «علاقة حبّ» وذكّر الوصف، والموصوف مؤنّث لأمرين، أحدهما: أن العلاقة بمعنى العلق، والآخر: أنها إذا كانت بدلا من «جنونا» فهى الجنون، وقد ورد تذكير المؤنّث للحمل على المعنى كثيرا، كقول الأعشى (¬1):
يضمّ إلى كشحيه كفّا مخضّبا
ذكّر الكفّ، لأنه ذهب بها مذهب العضو، ومنه قوله (¬2):
فإمّا ترينى ولى لمّة … فإنّ الحوادث أودى بها
ذكّر ضمير الحوادث، لأنه ذهب بها مذهب الحدثان، ومنه فى التنزيل تذكير خبر الرّحمة فى قوله تعالى: {إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} (¬3) لأن المراد بالرحمة هاهنا فى بعض التفسير: الغيث.
ويجوز أن تجعل «مستسرّا» نعتا لجنونا، والقول الأول أحسن، لقرب النعت من المنعوت، وإذا حقّقنا القول فى معنى العلاقة فهى التعلّق بالحبّ، فلهذا أضافها الشاعر إليه، فيجوز على هذا فى نصب «مستسرّا» وجهان آخران: أحدهما أن تجعله حالا من «حبّ» وإن كان نكرة، وكان مجىء الحال منها ضعيفا، وإنما
¬_________
(¬1) سبق تخريجه فى المجلس الرابع والعشرين.
(¬2) وهذا أيضا تقدم فى المجلس السادس عشر.
(¬3) سورة الأعراف 56، وسيتكلم المصنف على هذه الآية بأبسط من هذا فى المجلس التاسع والستين.

الصفحة 346