كتاب أمالي ابن الشجري (اسم الجزء: 1)

العرب ترفع هذا كلّه وتنصبه، فدفع سيبويه قوله.
فقال يحيى بن خالد: قد اختلفتما وأنتما رئيسا بلديكما، فمن ذا يحكم بينكما؟
فقال الكسائىّ: هذه العرب ببابك، قد اجتمعت من كلّ أوب، ووفدت عليك من كلّ صقع، وهم فصحاء الناس، وقد قنع بهم أهل المصرين، وسمع أهل البصرة وأهل الكوفة منهم، فليحضروا ويسألوا.
فقال يحيى وابنه جعفر: قد أنصفت، وأمر بإحضارهم، فدخلوا، وفيهم أبو فقعس وأبو زياد (¬1) وأبو الجرّاح وأبو ثروان، فسئلوا عمّا جرى بين الكسائىّ وسيبويه، فتابعوا الكسائىّ، وقالوا بقوله، فأقبل يحيى على سيبويه، فقال له: قد تسمع! فاستكان سيبويه، وأقبل الكسائىّ على يحيى، فقال: أصلح الله الوزير، إنه قد وفد عليك من بلده مؤمّلا، فإن رأيت أن لا تردّه خائبا، فأمر له بعشرة آلاف درهم، فخرج وصيّر وجهه إلى فارس، فأقام هناك ولم يعد إلى البصرة.
وأقول: إن الصحيح فى هاتين المسألتين قول سيبويه، لأن «إذا» هذه هى المكانيّة الموضوعة للمفاجأة، فهى (¬2) تؤدّى معنى الظّرف الذى يشار به إلى المكان، / وهو هناك وثمّ، فيجوز أن يقتصر على الاسم المرفوع بعدها، على أنه مبتدأ، وهى خبره، كقولك: خرجت فإذا زيد، المعنى: فثمّ زيد، أو فهناك زيد، فإن جئت بعد المرفوع بنكرة، فلك فيها مذهبان، أحدهما: أن ترفعها بأنها خبر المبتدأ، فتكون «إذا» فضلة، يعمل فيها الخبر، تقول: فإذا زيد قائم، كما تقول: هناك زيد قائم، وفى الدار زيد قائم، والمذهب الآخر: أن تنصب النكرة على الحال، تقول:
¬_________
(¬1) فى إنباه الرواة 2/ 348: أبو دماذ.
(¬2) فى هـ‍: «وهى»، وقد أعاد ابن الشجرى الكلام على «إذا» هذه فى المجلس المتمّ الأربعين.

الصفحة 349