كتاب أمالي ابن الشجري (اسم الجزء: 1)

فإذا زيد قائما، فتكون «إذا» مستقرّا، موضعها رفع بأنها خبر المبتدأ، وهى الناصبة للحال، لنيابتها عن الاستقرار.
وقول الكسائىّ: فإذا عبد الله القائم، بنصب القائم، لا وجه له، لأن الحال لا تكون معرفة، وإذا بطل النصب فى القائم، فهو فى الضمير من قوله: فإذا هو إيّاها، أشدّ بطولا.
وإنما أنكر سيبويه النصب، لأنه لم يره مطابقا للقياس، ولم ير له وجها يقارب الصّواب، ولما لم يظفر الكسائىّ بحجّة قياسيّة، يدفع بها إنكار سيبويه للنصب، كان قصاراه الالتجاء إلى السّماع، والتشبّث بقول أعراب أحضروا فسئلوا عن ذلك، وكان للكسائىّ بهم أنسة، وسيبويه إذ ذاك غريب طارئ عليهم.
وذكر قوم من البصريّين أن الكسائىّ جعل لهم جعلا، استمالهم به إلى تصويب قوله، وقيل: إنما قصد الكسائىّ بسؤاله عمّا علم أنه لا وجه له فى العربية، واتّفق هو والفرّاء على ذلك، ليخالفه سيبويه، فيكون الرّجوع إلى السّماع، فينقطع المجلس عن النّظر والقياس.
... وممّا قاله أبو الطيّب فى صباه قوله (¬1):
أحيا وأيسر ما قاسيت ما قتلا … والبين جار على ضعفى وما عدلا
أحيا (¬2): فعل متكلّم، والجملة التى هى «أيسر» وخبره فى موضع نصب على الحال من المضمر فى «أحيا» أى أعيش وأقل ما قاسيت، أو أهون ما قاسيت ما قتل غيرى، /أخبر بحياته فى هذه الحال كالمتعجّب، وحقيقة المعنى: كيف أعيش وأهون الأشياء التى قاسيتها فى الهوى الشىء الذى قتل المحبّين؟
¬_________
(¬1) ديوانه 3/ 162، والمغنى ص 7، وشرح أبياته 1/ 43، وأمالى ابن الحاجب 3/ 113. وشرح مشكل شعر المتنبى ص 32، وتفسير أبيات المعانى ص 205.
(¬2) قدّره ابن هشام: «أأحيا» وحذفت همزة الاستفهام.

الصفحة 350