كتاب أمالي ابن الشجري (اسم الجزء: 1)

فإنما هو حين حين، و «لا» بمنزلة «ما» إذا ألغيت.
قال أبو سعيد: جئت بغير شيء، إنما يراد به جئت خاليا من (¬1) شيء معك، وهذا معنى قوله: رائقا، لأن الرائق هو الخالى، واشتقاقه من راق الشّراب: إذا صفا، كأنه جاء ولم يعلق به شيء.
وقوله: «حين لا حين محن» حين منصوب بلا، كقولك: لا مثل زيد، ولا غلام امرأة، وخبره محذوف، التقدير [حين (¬2)] لا حين محنّ لنا (¬3)، و «حين» الأول مضاف إلى الجملة، التى هى لا حين محنّ لنا، كما تضاف أسماء الزمان إلى الجمل.
وأما قول جرير: «حين لا حين» فحين الأول مضاف إلى الثانى، وفصلت «لا» بين الخافض والمخفوض، كفصلها فى: جئت بلا شيء، كأنه قال: حين لا حين فيه لهو ولعب، أو نحو ذلك من الإضمار، لأن المشيب يمنع من اللهو واللّعب.
قال سيبويه (¬4): واعلم أن المعارف لا تجرى مجرى النكرات فى هذا الباب، لأن «لا» لا تعمل فى معرفة، فأما قول الشاعر:
لا هيثم اللّيلة للمطىّ (¬5)
فإنه جعله نكرة، أراد لا مثل هيثم، وقال ابن الزّبير (¬6) الأسدىّ:
أرى الحاجات عند أبى خبيب … نكدن ولا أميّة فى البلاد
¬_________
(¬1) فى هـ‍: «عن». وما فى الأصل جاء مثله فى حواشى الكتاب 2/ 303، عن أبى سعيد السيرافىّ أيضا.
(¬2) تكملة من الخزانة 4/ 45، عن الأعلم الشنتمرى.
(¬3) هكذا فى الأصل وهـ‍، ونصّ عليه البغدادى وقيّده «بالنون» حكاية عن ابن الشجرى، وجعله ناشر الطبعة الهندية: «لها» بالهاء!
(¬4) الكتاب 2/ 296.
(¬5) الكتاب، والمقتضب 4/ 362، والأصول 1/ 382، والمسائل المنثورة ص 97، والخزانة 4/ 57، وحواشى تلك الكتب. وقيل فى هيثم هذا: إنه هيثم بن الأشتر، وكان مشهورا بين العرب بحسن الحداء، وبمعرفة البيداء.
(¬6) الزّبير، بفتح الزاى، واسمه عبد الله. والبيت فى الموضع السابق من الكتاب، والمقتضب والأصول 1/ 383، والمسائل المنثورة، الموضع السابق، والخزانة 4/ 61، وينسب إلى فضالة بن شريك. انظر ذيل ديوان عبد الله بن الزّبير ص 146.

الصفحة 365