ومن ظنّ ممّن يلاقى الحروب … بأن لا يصاب فقد ظنّ عجزا (¬1)
نعفّ ونعرف حقّ الجوار … ونتّخذ الحمد والمجد كنزا
/تفسير قولها: «تعرّقنى الدهر» البيت (¬2) يقال: عرقت العظم وتعرّقته:
إذا أخذت ما عليه من اللحم، ويقال للعظم الذى أخذ لحمه: العراق.
والنّهس (¬3): القبض على اللحم بالأسنان ونتره، ومثله النّهش، وقيل: بل النّهش بمقدّم الفم، وهو قول أبى زيد، والأول قول الأصمعىّ.
والحزّ: قطع غير نافذ، ومثله الفرض (¬4)، ويكون نافذا، لقولهم: حزّة من بطّيخ، وحزّة من كبد.
والقرع: مصدر قرعته بالعصا وبالسيف، والمقارعة بالسّيوف.
والغمز: غمزك الشىء اللّيّن بيدك كالتّين ونحوه، أرادت أن الدهر أوجعها بكبريات نوائبه وصغرياتها.
وانتصاب «نهسا وحزّا» بتقدير: نهسنى نهسا، وحزّنى حزّا، وإضمار ناصب المصدر المأخوذ من لفظه كثير الاستعمال، كقولهم: «ما أنت إلا نوما وما أنت إلاّ أكلا وشربا (¬5)» يريدون: تنام نوما، وتأكل أكلا، وتشرب شربا، ويجوز أن يكون انتصاب «نهسا وحزّا» على الحال، ووقوع المصدر فى موضع اسم الفاعل،
¬_________
(¬1) هذا من شواهد الأدب السيّارة، انظر مع المراجع المذكورة فى حواشى كتاب الشعر: التمثيل والمحاضرة ص 64، وبهجة المجالس 1/ 474.
(¬2) كتب بإزاء هذا بحاشية الأصل: «العرق: العظم بما عليه من اللحم. [وجمعه عراق] وهو أحد الأسماء التى جاءت بضم الفاء. عن ابن السكيت». وقد حكى بعض هذا عن ابن الشجرىّ: البغدادىّ فى شرح أبيات المغنى 2/ 188، وما بين الحاصرتين أثبتّه منه. وكلام ابن السكيت فى إصلاح المنطق ص 312، واللسان (عرق).
(¬3) بالسين المهملة، وسيأتيك الفرق بينه وبين «النهش» بالشين المعجمة.
(¬4) فى هـ: «القرض» بالقاف. وهو بالفاء فى الأصل واللسان (حزز-فرض) وفى حديث عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، «أنه اتخذ عام الجدب قدحا فيه فرض» قال ابن الأثير: الفرض: الحزّ فى الشىء والقطع. النهاية 3/ 433.
(¬5) فى هـ: «ما أنت إلاّ أكلا وشربا يريدون تنام نوما. . .».