رفع الأب الثانى على الإبدال من الأول، ورفع «أربد» بدلا من الثانى، وقوله:
«أحلّك فى المخازى حيث حلاّ» خبر عن الأوّل، ولم يكفه هذا التكرير للتوكيد، حتى زاد فى توكيده، فقال: «غير شكّ» وأجازوا فيه أن يكون الأب الثانى خبرا عن الأول، كقول العجلىّ (¬1):
أنا أبو النّجم وشعرى شعرى
أى شعرى شعرى الذى قد سمعتم به، ونحوه قول الآخر:
إذ الناس ناس والبلاد بلاد (¬2)
فعلى هذا يكون المعنى: أبوك أبوك الذى شاعت مخازيه، والمخازى: جمع مخزاة، وهى كلّ فعل قبيح، يخزى فاعله، أى يعرّضه للخزى، وهو الطّرد والمقت، ويقال منه: أخزاه الله.
وقوله: «غير شكّ» أى حقّا (¬3)، كأنه قال: لا شكّا، أى لا أشكّ شكّا.
ومن تكرير الجملة قول عنترة (¬4):
أبينا أبينا أن تضبّ لثاتكم … على مرشقات كالظّباء عواطيا
اللّثة: لحم الأسنان، وتضبّ: تسيل من الشّهوة، يقال: ضبّ فوه يضبّ،
¬_________
(¬1) أبو النجم. ديوانه ص 99، وتخريجه فى ص 246، عن الإفصاح ومعاهد التنصيص ليس غير، وزد عليه ما فى حواشى كتاب الشعر ص 320.
(¬2) صدره باختلاف فى الرواية: بلاد بها كنّا وكنا نحبّها وينسب لرجل من عاد، وله قصة، انظرها فى الأغانى 21/ 93، والخصائص 3/ 337، ووفيات الأعيان 6/ 111 (ترجمة الهيثم بن عدىّ). وروى فى يتيمة الدهر 4/ 271 (ترجمة بديع الزمان الهمذانى): إذ الناس ناس والزمان زمان وانظر بهجة المجالس 1/ 796 وحواشيه، والمغنى ص 733، وشرح أبياته 8/ 20.
(¬3) ويريد أن «غير» منصوب على المصدر، صرّح به المرزوقىّ فى الموضع المذكور من شرح الحماسة.
(¬4) ديوانه ص 193، والأساس واللسان (ضبب).