كتاب أمالي ابن الشجري (اسم الجزء: 1)

قيل: إنما فعلوا ذلك فى النداء؛ لأنه باب تغيير وتخفيف لكثرة استعماله، وجاء ذلك فيه قليلا، والأكثر: يا غلامى، فلما تعذّر رفع الحرف المتصل بهذه/الياء ونصبه، كسروه ليسلم.
حكم أبو الفتح عثمان بن جنّى فى كتابه الذى سماه (كتاب الخصائص) (¬1) على الكسرة فى غلامى ونحوه بأنها لا حركة إعراب ولا حركة بناء، وإنما حكم بذلك لأن الاسم الذى اتصلت به الياء لم يشبه الحرف، ولا تضمن معناه.
وأقول (¬2): إن هذه الحركة (¬3) حركة بناء كحركة التقاء الساكنين فى نحو لم يخرج القوم، و {لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ} (¬4) وإن كانت فى كلمة معربة. وأقول: إن كلّ حركة لم تحدث (¬5) عن عامل حركة بناء، كما حكم أبو علىّ فى الباب الثانى من الجزء الثانى (¬6) من كتاب الإيضاح، بأن حركة التقاء الساكنين حركة بناء، وذلك فى قوله:
«وحركات البناء التى تتعاقب على أواخر هذه المبنية نحو حركة التقاء الساكنين فى اردد القوم».
ألا ترى أن أبا الفتح قد نصّ على ما قلته فى قوله: الإعراب ضد البناء فى المعنى ومثله فى اللفظ، والفرق بينهما زوال الإعراب لتغيّر العامل، وانتقاله (¬7)، ولزوم البناء الحادث من غير عامل وثباته.
أراد أن البناء حدوثه عن علّة لا عن عامل، فالعلّة التى أوجبت الكسرة فى لم يخرج القوم التقاء الساكنين، والعلة التى أوجبت الكسرة فى غلامى ونحوه انقلاب الياء واوا لو ضمّ ما قبلها، وانقلابها ألفا لو فتح ما قبلها.
¬_________
(¬1) الخصائص 2/ 356 (باب فى الحكم يقف بين الحكمين)، وينظر أيضا 3/ 57، وشرح المفصل 3/ 32، والتبيين للعكبرى ص 150، وحواشيه.
(¬2) فى هـ‍: فأقول.
(¬3) فى الأصل: «إن هذه الحركة التقاء الساكنين» وأثبتّ ما فى هـ‍.
(¬4) سورة آل عمران 28.
(¬5) فى هـ‍: من.
(¬6) وهو التكملة ص 5.
(¬7) فى هـ‍: وانتفائه.

الصفحة 4