كتاب أمالي ابن الشجري (اسم الجزء: 1)

{عاهَدُوا عَهْداً} (¬1) وجاء تقديم العاطف على «هل» على القياس، تقول: هل جاء زيد، وهل عندك محمد؟
والأسماء المستفهم بها «من وما وكم وأىّ» فى نحو: أىّ القوم عندك؟ وأىّ/ الخيل ركبت؟ فإن أضفتها إلى اسم من أسماء الزمان أو المكان، أخرجتها بذلك إلى الظّرفية، لأنها بعض ما تضاف إليه، كقولك: أىّ الشّهور خرجت؟ وأىّ المنازل نزلت؟
والظّروف المستفهم بها «أين وكيف ومتى وأيّان وأنّى» وإنما عدّوا «كيف» فى الظّروف، للاستفهام بها عن الحال، والحال تشبه الظّرف (¬2)، لأنها عبارة عن الهيئة التى يقع فيها الفعل، ولذلك تقول: كيف زيد جالسا؟ أى على أىّ هيئة جلوسه، كما تقول: أين زيد قائما؟ فينوب «كيف» مناب اسم الفاعل فى نصب الحال، كنيابة أين.
فأمّا أوضاع هذه الكلم: فأين وضعت فى هذا الباب للاستفهام عن المكان [ومتى (¬3)] وأيّان للاستفهام عن الزمان، وإنما قلت: فى هذا الباب، لأن «أين» تفارق الاستفهام إلى الشّرط، وكذلك متى، وكيف يستفهم بها عن الأحوال، وأنّى يتجاذبها شبهان، شبه أين، وشبه كيف، وقد جاء التنزيل بهما، فى قوله:
{يا مَرْيَمُ أَنّى لَكِ هذا} (¬4) أى من أين لك هذا؟ وفى قوله: {أَنّى يُحْيِي هذِهِ اللهُ بَعْدَ مَوْتِها} (¬5) أى كيف يحيى هذه الله؟
¬_________
(¬1) الآية المتمة المائة من سورة البقرة.
(¬2) تقدّم وجه شبه الحال بالظرف فى المجلس السابع عشر، والخامس والعشرين.
(¬3) ساقط من هـ‍.
(¬4) سورة آل عمران 37.
(¬5) سورة البقرة 259.

الصفحة 401