المعنى: ما ضرّها هجاؤك وبولك، وأكثر ما يجيء هذا بعد التسوية كقولك:
سواء علىّ أقمت أم قعدت، أى سواء علىّ قيامك وقعودك، {وَسَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ} (¬1) أى سواء عليهم إنذارك إيّاهم وترك إنذارك، ومثله:
{سَواءٌ عَلَيْنا أَجَزِعْنا أَمْ صَبَرْنا} (¬2) التقدير: جزعنا وصبرنا سواء، فسواء فى هذا ليس بمبتدإ، كما ظنّ بعضهم، وإنما هو خبر المبتدأ المقدّر، على ما مثّلته لك، وكيف يكون قولك: «أقمت» خبرا لسواء، وهو جملة خالية من عائد إلى «سواء» ظاهر أو مقدّر، وكذلك «ضرّ» فى قوله:
ما ضرّ تغلب وائل أهجوتها
مسند إلى الفاعل المقدّر، الذى هو هجاؤك.
ومثل مجىء الاستفهام بمعنى الخبر بعد التسوية، مجيئه فى قولك: ما أدرى أزيد فى الدار أم عمرو؟ ومنه قول زهير (¬3):
وما أدرى وسوف إخال أدرى … أقوم آل حصن أم نساء
وحذف الآخر الهمزة فى قوله (¬4):
¬_________
(¬1) الآية العاشرة من سورة يس، وإذا اعتبرت الواو التى فى أول الآية واو العطف فهى الآية السادسة من سورة البقرة.
(¬2) سورة إبراهيم 21.
(¬3) ديوانه ص 73، وأعاده ابن الشجرى فى المجلس السابع والسبعين. وانظر تخريجه فى معجم الشواهد ص 21. وقد ردّ ابن هشام على ابن الشجرى استشهاده بالبيت على مجىء الاستفهام بمعنى الخبر. قال: «والذى غلّط ابن الشجرى حتى جعله من النوع الأول، توهّمه أن معنى الاستفهام فيه غير مقصود ألبتة، لمنافاته لفعل الدراية. وجوابه أن معنى قولك: علمت أزيد قائم؟: علمت جواب أزيد قائم. وكذلك: ما علمت». المغنى ص 41، وانظره بحاشية الأمير 1/ 41، وشرح أبياته 1/ 194.
(¬4) هو عمر بن أبى ربيعة، كما صرّح ابن الشجرى فى المجلس السابع والسبعين. والبيت فى ديوانه ص 266، والكتاب 3/ 175، والمقتضب 3/ 294، والمحتسب 1/ 50، والجمل المنسوب للخليل ص 235، والبسيط ص 351، وشرح الجمل 1/ 238، والمغنى ص 7، وشرح أبياته 1/ 25، والخزانة 11/ 122، وغير ذلك كثير.