كتاب أمالي ابن الشجري (اسم الجزء: 1)

زيدا، وذلك نحو قول المذنب لسيّده، أو لذى سلطان [عليه (¬1)]: افعل بى ما شئت، وابلغ منّى رضاك، تذلّلا منه وإقرارا بذنبه.
ويكون لفظ الأمر أيضا لإظهار عجز الذى وجّه إليه ذلك اللفظ، ويسمّى هذا الضرب تحدّيا، كقوله جلّ وعلا: {أَمْ يَقُولُونَ اِفْتَراهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ} (¬2) فلما عجزوا عن ذلك قال: {فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ} (¬3) وقال: {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ} (¬4) يدلّك على أن المعنى تبيين عجزهم عن ذلك قوله: {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا} (¬5) وقوله: {قُلْ لَئِنِ اِجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً} (¬6).
ويكون لفظ الأمر أيضا تنبيها على القدرة، والمخاطب غير مأمور بأن يحدث فعلا، فيكون بفعل ذلك الفعل مطيعا، وبتركه له عاصيا، كقوله تعالى: {قُلْ كُونُوا حِجارَةً أَوْ حَدِيداً} (¬7) يعنى لو كنتم حجارة أو حديدا لأعدناكم، ألم تسمع إلى قوله حاكيا عنهم ومجيبا لهم: {فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ} (7) فهذا يبيّن لك أنّ لفظ الأمر فى هذا الموضع تنبيه على قدرته سبحانه.
ويكون لفظ الأمر أيضا لما لا فعل فيه لمن وجّه إليه أصلا، كقوله: {فَقُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ} (¬8) المعنى: فكوّنّاهم قردة، ألا ترى أن هذا ليس من الأمر
¬_________
(¬1) ليس فى هـ‍.
(¬2) سورة هود 13.
(¬3) سورة يونس 38.
(¬4) سورة البقرة 23.
(¬5) سورة البقرة 24.
(¬6) سورة الإسراء 88.
(¬7) سورة الإسراء 50،51.
(¬8) سورة البقرة 65.

الصفحة 413