كتاب أمالي ابن الشجري (اسم الجزء: 1)

وقال قوم: الجزاء قسم آخر، إذا قلت: من يأتنى آته. وقال قوم: التعجّب قسم آخر، إذا قلت: ما أحسن زيدا، وقال آخرون: تعظيم الله قسم آخر، إذا قلت: لا إله إلا الله، وقالوا: العرض قسم آخر، إذا قلت: ألا تنزل عندنا، وقالوا: التحضيض قسم آخر، إذا قلت: هلاّ صنعت كذا، وقالوا: التمنّى قسم آخر، إذا قلت: ليت لى مالا.
وأقول: إن هذا كلّه يرجع إلى ما قدّمت ذكره، إلا التمنّى، لأنه إذا قال: من يأتنى آته، فقد أخبر، وإذا قال: ما أحسن زيدا، فقد أخبر أن زيدا حسن جدّا، وإذا قال: لا إله إلا الله، سبحان الله، فقد أخبر بأنه يعترف بذلك، وأنه من أهل هذه المقالة، وإذا قال: ألا تنزل عندنا، فلفظه لفظ الاستفهام ومعناه الطّلب، فكأنه قال: انزل عندنا.
وأما التحضيض فإنه داخل فى حيّز الأمر، وأدوات التحضيض: هلاّ وألا ولولا ولوما، واختصاصه بالفعل كاختصاص الشّرط بالأفعال، تقول: هلاّ أكرمت زيدا، ولولا تعطى جعفرا، وفى التنزيل: {لَوْ ما تَأْتِينا بِالْمَلائِكَةِ} (¬1)، وقال عنترة (¬2):
هلاّ سألت الخيل يا ابنة مالك … إن كنت جاهلة بما لم تعلمى
أراد: هلاّ سألت الخيل بما لم تعلمى، أى عمّا لم تعلمى، ومثل تأدية الباء هاهنا معنى «عن» تأديتها فى قوله تعالى: {الرَّحْمنُ فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً} (¬3) أى فسل عنه خبيرا.
ويجوز حذف الفعل من هذا الضّرب، إذا دلّ عليه دليل حال، أو دليل لفظ،
¬_________
(¬1) الآية السابعة من سورة الحجر.
(¬2) ديوانه ص 207، وشرح القصائد السبع ص 342، وأعاده ابن الشجرى فى المجلسين السابع والستّين، والمتمّ السبعين.
(¬3) سورة الفرقان 59، وقد تكلم ابن الشجرى على مجىء الباء بمعنى «عن» فى المجلسين المذكورين.

الصفحة 425