كتاب أمالي ابن الشجري (اسم الجزء: 1)

«أن» ليوافق المعطوف المعطوف عليه، فى الاسمية.
والتحضيض كالتمنّى، فى إجابته بالفاء، فى قوله: {لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ} «وأكون» {مِنَ الصّالِحِينَ} (¬1) كما أجيب بها التمنّى فى قوله: {فَأَفُوزَ} - و- {فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} وقوله: «وأكون» ممّا انفرد به أبو عمرو (¬2)، فأمّا من قرأ: {وَأَكُنْ} فإنه جزمه بالعطف على موضع فأصّدّق، ألا ترى أن الفاء إذا حذفت من هذا النحو، انجزم الفعل، كقولك: زرنى أكرمك، وكما قال تعالى:
{ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا} (¬3) -و- {أَرْسِلْهُ مَعَنا غَداً} «نرتع ونلعب» (¬4) ومثله فى الجزم بالعطف على الموضع، قراءة حمزة والكسائىّ: {مَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلا هادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ} (¬5) جزما {يَذَرُهُمْ} لأنهما عطفاه على موضع {فَلا هادِيَ لَهُ} ومثله قول الشاعر (¬6):
فأبلونى بليّتكم لعلّى … أصالحكم وأستدرج نويّا
جزم «أستدرج» بالعطف على موضع «لعلّى أصالحكم» ألا ترى أنه لو حذف لعلّى انجزم «أصالحكم» جوابا للأمر.
¬_________
(¬1) الآية العاشرة من سورة المنافقون.
(¬2) السبعة ص 637، وتأويل مشكل القرآن ص 56، والكشف 2/ 322، والبيان 2/ 441، والمغنى ص 472، وقد أفرد أبو علىّ الفارسىّ لهذه القراءة مسألة فى كتابه العضديات ص 119، وابن الشجرى يلخّص كلامه.
(¬3) الآية الثالثة من سورة الحجر.
(¬4) سورة يوسف 12، و «نرتع ونلعب» بالنون فى الفعلين هكذا جاءت فى الأصل، وهى قراءة أبى عمرو، وابن عامر. وجاء فى هـ‍ يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ بالياء التحتية فى الفعلين، وهى قراءة عاصم وحمزة والكسائىّ. السبعة ص 346، والكشف 2/ 5،6.
(¬5) سورة الأعراف 186. وانظر السبعة ص 299، والكشف 1/ 485.
(¬6) أبو دؤاد الإيادى. ديوانه ص 350، وتخريجه فيه، وزد عليه: معانى القرآن 1/ 88، والعضديات ص 120، والعسكريات ص 161، وشرح أبيات المغنى 6/ 292، وما فى حواشى تلك الكتب. وقوله: «أبلونى بليتكم» أى اصنعوا بى صنعا جميلا. وأستدرج: أرجع أدراجى من حيث كنت. و «نويا» أى نيّتى، وسيتكلم المصنف على اشتقاقها. يقول: أحسنوا إلىّ، فإن أحسنتم فلعلى أصالحكم وأرجع حيث كنت جارا لكم.

الصفحة 428