كتاب أمالي ابن الشجري (اسم الجزء: 1)

(مسألة) قال حرس الله نعمته (¬1): استدلوا على أن الظرف إذا وقع خبرا تضمن ضميرا منتقلا إليه (¬2) من الخبر الأصلىّ المرفوض استعماله، وهو مستقر أو كائن، أو نحو ذلك بقول كثيّر (¬3):
/فإن يك جثمانى بأرض سواكم … فإنّ فؤادى عندك الدّهر أجمع
إذا قلت هذا حين أسلو ذكرتها … فظلّت لها نفسى تتوق وتنزع
ووجه هذا الاستدلال أن قوله: «أجمع» لا بد أن يكون تابعا لمرفوع، وليس فى قوله: «فإن فؤادى عندك الدهر» مرفوع ظاهر، فلم يبق إلا أن يكون تابعا للضمير المستكن فى قوله: «عندك».
(مسألة) قال كبت الله أعداءه (¬4): حذف الضمير العائد من الصلة أقيس من حذف العائد من الصفة، لأن الصلة تلزم الموصول، ولا تلزم الصفة الموصوف، فتنزّل الموصول (¬5) والصلة منزلة اسم واحد، فحسن الحذف (¬6) لما جرت أربعة أشياء مجرى شيء واحد، وهى الموصول والفعل والفاعل والمفعول، وإنما شبّهوا الصفة بالصلة من حيث كانت موضّحة للموصوف، كما توضّح الصلة الموصول، ومن حيث كانت الصفة لا تعمل فى الموصوف، كما لا تعمل الصلة فى الموصول، فحذفوا العائد من الجملة الوصفية، كما حذفوه من الجملة الموصول بها فى نحو: {أَهذَا الَّذِي بَعَثَ اللهُ رَسُولاً} (¬7)، وذلك نحو قول الحارث بن كلدة (¬8) الثقفىّ:
¬_________
(¬1) فى هـ‍: رضى الله عنه.
(¬2) فى الأصل: عن.
(¬3) ديوانه ص 404، والبيتان ينسبان أيضا إلى جميل، ديوانه ص 118، وانظر معجم شواهد العربية ص 217، وقد أنشد ابن الشجرى البيت الأول مرة أخرى فى المجلس المتمّ الأربعين، منسوبا لكثيّر أيضا.
(¬4) فى هـ‍: تغمّده الله برضوانه.
(¬5) فى الأصل «الصلة والموصول»، وأثبتّ ما فى هـ‍، وسيأتى نظيره فى المجلس المتم الأربعين.
(¬6) أعاده ابن الشجرى فى المجلس المذكور، وهو مأخوذ من كلام أبى العباس المبرد، فى كتابه المقتضب 1/ 19. وانظر ما يأتى فى المجلسين الرابع عشر، والأربعين.
(¬7) سورة الفرقان 41، وانظر البرهان 3/ 160،161، فقد نقل الزركشى كلام ابن الشجرى هذا فى الحذف.
(¬8) فى هـ‍: «حلزة» وهو خطأ، وسيأتى الكلام عليه قريبا مع بقية الأبيات.

الصفحة 5