كتاب أمالي ابن الشجري (اسم الجزء: 1)
كذلك قلت: اليوم قمت فيه، واليوم قمته، ولولا تقدير العوائد من هذه الجمل لأضيف اليوم إلى لا تجزى، فقيل: واتقوا يوم لا تجزى نفس، لأن إضافته إلى الجملة تخرج الجملة عن أن تكون وصفا، وإذا خرجت عن/أن تكون وصفا بطل الاحتياج إلى عائد منها لفظا وتقديرا.
وحذف العائد من الصلة إنما يقع بالمنصوب المتصل غالبا نحو: قام الذى أكرمت و {أَرَأَيْتَكَ هذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ} (¬1) فإن كان مجرورا منصوبا فى المعنى جاز حذفه، كقولك: هذا الذى زيد ضارب، وعجبت مما أنت صانع، ومثله:
{فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ} (¬2) التقدير: ضاربه وصانعه وقاضيه، فإن اتصل العائد بحرف جر، نحو قام الذى مررت به، فحذفه قليل جدا، فمما جاء من ذلك فى الشعر القديم قول القائل (¬3):
وقد كنت تخفى حبّ سمراء حقبة … فبح لان منها بالذى أنت بائح
الأصل: بائح به، ثم بائحه، ثم بائح، ومثله فى التنزيل: {ذلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللهُ عِبادَهُ} (¬4) الأصل: يبشّر به، ثم يبشّره، ثم يبشّر.
فإن كان العائد متصلا مرفوعا فى المعنى لم يجز حذفه كقولك: قام الذى أعجب ضربه زيدا، لا يجوز الذى أعجب ضرب زيدا، لأن الهاء فاعل المصدر، وإنما جاز حمل المجرور على المنصوب لاتفاقهما فى كونهما فضلتين، وقد شبّهوا العائد من جملة الخبر إلى المخبر عنه، بالعائد من جملة الصفة إلى الموصوف فحذفوه، وحذفه ضعيف، لا يحسن استعماله فى حال السّعة، وإنما قبح ذلك لأن الفعل إذا وقع خبرا وكان متعدّيا فحذفت الضمير الذى تعدّى إليه، تسلّط الفعل على المبتدأ
¬_________
(¬1) سورة الإسراء 62، وقد جاءت تلاوة الآية خطأ فى الأصل، هـ هكذا «أهذا الذى كرمت علىّ».
(¬2) سورة طه 76.
(¬3) عترة العبسى، ديوانه ص 42، والخصائص 3/ 90، وشرح ابن عقيل على الألفية 1/ 151، واللسان (أين)، ومعجم الشواهد ص 84.
(¬4) سورة الشورى 23.
الصفحة 8
435