كتاب أمالي ابن الشجري (اسم الجزء: 1)

فنصبه، كقولك فى زيد ضربته: زيدا ضربت، فهذا وجه الكلام.
فإن قلت: زيد ضربت، على إرادة الهاء لم يجز ذلك إلا فى الشعر، على أن الروايات قد تظاهرت عن ابن عامر بأنه قرأ «وكلّ» {وَعَدَ اللهُ الْحُسْنى} (¬1) فى سورة الحديد خاصّة، وكذلك جاءت/الرواية بالرفع فى قول الراجز (¬2):
قد أصبحت أمّ الخيار تدّعى … علىّ ذنبا كلّه لم أصنع
رووه بالرفع لمّا تقدّم على الفعل، وحجز حرف النفى بينهما، وإن كان ذلك لا يمنع من تسلط الفعل عليه (¬3)، فلما كان الضمير متى حذفته من جملة الخبر تسلط الفعل على المبتدأ، ومتى حذفته من جملة الصفة لم يتسلّط الفعل على الموصوف، لأن الصفة كبعض الموصوف، كما أن الصلة كبعض الموصول: جاز حذف العائد من جملة الصفة، وقبح حذفه من جملة الخبر.
¬_________
(¬1) سورة النساء 95، والحديد 10، وآية الحديد هى المرادة كما نصّ المصنف، وجاء بحاشية الأصل: «إنما قرأ ابن عامر بالرفع فى سورة الحديد خاصة؛ لأنه شغل الخبر بهاء مضمرة، وليس قبل هذه الجملة جملة فعلية يختار لأجلها النصب، فرفع بالابتداء، وأما الذى فى سورة النساء وَكُلاًّ وَعَدَ اللهُ الْحُسْنى فإنما اختار فيه النصب؛ لأن فيه جملة فعلية، وهى قوله: فَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلاًّ وَعَدَ اللهُ الْحُسْنى. وانظر توجيه قراءة ابن عامر، فى الكشف عن وجوه القراءات، لمكى 2/ 307، ومشكل إعراب القرآن، له 2/ 357، والبحر المحيط 8/ 219 والتبيان فى إعراب القرآن للعكبرى ص 383، فى آية سورة النساء.
(¬2) أبو النجم العجلى. ديوانه ص 132، والكتاب 1/ 85،127،137، والخزانة 1/ 359، 3/ 20، واستقصيت تخريجه فى كتاب الشعر ص 504، والبيتان أعادهما ابن الشجرى فى المجلسين الرابع عشر، والمتمّ الأربعين.
(¬3) بحاشية الأصل: «بل يمتنع تسلّط الفعل عليه من وجه آخر، وهو أن «كلاّ» إذا أضيفت إلى المضمر لا تستعمل إلاّ تاكيدا أو مبتدأ، وليس فى الكلام ما تجرى عليه تأكيدا، فتعيّن الابتداء، وامتنع تسلّط الفعل عليه. والله أعلم».

الصفحة 9