كتاب أمالي ابن الشجري (اسم الجزء: المقدمة)

قال: اختلف فى «إن» هذه، فزعم قطرب أنها بمعنى «قد»، وزعم الأخفش أنها زائدة، وقوله أمثل من قول قطرب، وقال غيرهما: إنها نافية، مثلها فى قوله تعالى: {إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطانٍ بِهذا}، وهذا القول أسدّ ما قيل فيها، لأن «ما» بمعنى «الذى» والمعنى: ولقد مكناهم فى الذى ما مكناكم فيه، فهذا مطابق لقوله عز وجل: {أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنّاهُمْ فِي الْأَرْضِ ما لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ} (¬1).
وقد حكى رأى ابن الشجرى هذا الزركشىّ، وذكر أنه رأى الزمخشرى أيضا (¬2).
وأقول: إن ابن الشجرىّ والزمخشرىّ مسبوقان فيما ذهبا إليه بالمبرد، فهذا هو رأيه وتقديره فى الآية الكريمة، حكاه عنه القرطبى (¬3). وقبل الثلاثة: الفراء، فقد ذهب إلى أن «إن» بمنزلة «ما» فى الجحد، لكنه جعل تقدير الآية الكريمة: فى الذى لم نمكنكم فيه (¬4).
ولابن الشجرى فضل التنظير والمطابقة بقوله تعالى: {مَكَّنّاهُمْ فِي الْأَرْضِ ما لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ} وقد ذكر هذا التنظير ابن هشام (¬5)، مؤيدا به كون «إن» بمعنى «ما» ولم يعزه إلى ابن الشجرى.
وممن ذهب إلى أن «إن» بمعنى «ما» الهروى، ومكى بن أبى طالب (¬6).
52 - حكى ابن الشجرى (¬7) الخلاف فى تقدير جواب الأمر، من قوله
¬_________
(¬1) المجلس الثالث والستون وأيضا المجلس التاسع والسبعون.
(¬2) البرهان 4/ 218، وراجع الكشاف 3/ 525.
(¬3) تفسيره 16/ 208.
(¬4) معانى القرآن 3/ 56.
(¬5) المغنى ص 19.
(¬6) الأزهية ص 43، ومشكل إعراب القرآن الكريم 2/ 302.
(¬7) المجلس السابق.

الصفحة 60