كتاب أمالي ابن الشجري (اسم الجزء: المقدمة)

لأن هاتين الظاهرتين قد ثار حولهما لغط كثير، وتناولهما بعض الدراسين بكثير من السهولة واليسر، دون مراجعة الأصول واستقراء النصوص.
ولمّا كان ابن الشجرى من أهم من عرضوا لمبحث الأدوات: معانيها وعملها وشواهدها، ودخول بعضها مكان بعض، فقد تكلمت عن الكتب التى عالجت هذا المبحث، وعن مكان ابن الشجرى وكتابه بين هذه الكتب.
ثم درست الشواهد عند ابن الشجرىّ (القرآن الكريم، والحديث الشريف، والأثر، والشّعر)، وقد ظهر لى أن ابن الشجرىّ لم يعرض لأصل من الأصول، أو قاعدة من القواعد إلا استشهد لها بآية أو أكثر من الكتاب العزيز، وقد استشهد بالقراءات السّبعيّة، ووجّه بعض القراءات الشاذّة.
ثم وقفت وقفة طويلة عند شواهد الشعر عند ابن الشجرىّ، وقد ظهر لى أن كتابه ضمّ قدرا ضخما من الشواهد الشعرية، فقد بلغت شواهده أكثر من مائة وألف بيت، غير المكرّر. وشواهد ابن الشجرىّ منتزعة من شعر الجاهليّين والمخضرمين والإسلاميين والمحدثين، والاستشهاد بشعر هذه الطبقة الأخيرة محلّ خلاف كبير، وقد استكثر ابن الشجرىّ من شعر هذه الطبقة، من أمثال دعبل الخزاعيّ، ومروان بن أبى حفصة، وابن المعتزّ، وأبى تمّام، والبحترىّ ومن إليهم، بل إنه احتفل احتفالا زائدا بشعر أبى الطيب المتنبى، ممّا يجعله من شرّاحه البارزين.
وقد أوردت جمعة ملاحظات حول منهج ابن الشجرىّ فى رواية الشواهد ونسبتها.
ثم تحدثت عن مصادر ابن الشجرى وموارده فى تأليف «الأمالى» مبتدئا بإمام النحاة سيبويه، ومنتهيا بالخطيب التّبريزى. وقد نقل ابن الشجرى كثيرا عن أعلام النحو واللغة المتقدّمين. وتظهر أهمية هذه النّقول فيما حكاه عن كتبهم المفقودة، من مثل كتاب «الأوسط» للأخفش سعيد بن مسعدة، وكتاب «الواسط» لأبى بكر بن الأنبارى، وبعض كتب أبى علىّ الفارسىّ، ثم فيما حكاه عن سيبويه والمبرد، مما ليس يوجد فى المطبوع من «الكتاب» و «المقتضب والكامل».
ولم أذكر من أعلام النحاة من نقل عنهم ابن الشجرىّ الرأى والرأيين، وإنما

الصفحة 7