كتاب البيان والتبيين - ط الخانجي (اسم الجزء: 1)

وقال النبي ( ان الله يبغض البليغ الذي يتخلل بلسانه كما تتخلل الباقرة بلسانها ) ح
وقيل ان كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب وقال صاحب البلاغة والخطابة وأهل البيان وحب التبيين انما عاب النبي المتشادقين والثرثارين والذي يتخلل بلسانه كما تتخلل الباقرة بلسانها والاعرابي المتشادق وهو الذي يصنع بفكيه وشدقيه ما لا يستجيزه أهل الأدب من خطباء أهل المدر فمن تكلف ذلك منهم فهو أعيب والذم له ألزم وقد كان الرجل من العرب يقف الموقف فيرسل عدة أمثال سائرة ولم يكن الناس جميعا يتمثلون بها الا لما فيها من المرفق والانتفاع ومدار العلم على الشاهد والمثل
وانما حثوا على الصمت لان العامة الى معرفة خطأ القول أسرع منهم الى
معرفة خطأ الصمت ومعنى الصامت في صمته أخفى من معنى القائل في قوله والا فالسكوت عن قول الحق في معنى النطق بالباطل
ولعمري ان الناس الى الكلام لأسرع لان في اصل التركيب ان الحاجة الى القول والعمل اكثر من الحاجة الى ترك العمل والسكوت عن جميع القول وليس الصمت كله أفضل من الكلام كله ولا الكلام كله أفضل من السكوت كله بل قد علمنا ان عامة الكلام أفضل من عامة السكوت وقد قال الله عز و جل ( سماعون للكذب أكالون للسحت ) فجعل سمعه وكذبه سواء
وقال الشاعر
( بني عدي ألا ينهى سفيهكم ... إن السفيه اذا لم ينه مأمور )@

الصفحة 271