باب البيان
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد وآله
قال بعض جهابذة الألفاظ ونقاد المعانى المعانى القائمة في صدور العباد المتصورة في أذهانهم المتخلجة في نفوسهم والمتصلة بخواطرهم والحادثة عن فكرهم مستورة خفية وبعيدة وحشية ومحجوبة مكنونة وموجودة في معنى معدومة لا يعرف الانسان ضمير صاحبه ولا حاجة أخيه وخليطه ولا معنى شريكه والمعاون له على أموره وعلى ما لا يبلغه من حاجات نفسه الا بغيره - وانما تحيا تلك المعاني في ذكرهم لها واخبارهم عنها واستعمالهم اياها - وهذه الخصال هي التي تقر بها من الفهم وتجلبها للعقل وتجعل الخفي منها ظاهرا والغائب شاهدا والبعيد قريبا وهي التي تخلص الملتبس وتحل المنعقد وتجعل المهمل مقيدا والمقيد مطلقا والمجهول معروفا والوحشي مألوفا والغفل موسوما والموسوم معلوما وعلى قدر وضوح الدلالة وصواب الاشارة وحسن الاختصار ودقة المدخل يكون اظهار المعنى وكلما كانت الدلالة أوضح وافصح وكانت الاشارة ابين وانور كان انفع وأنجع والدلالة الظاهرة على المعنى الخفي هو البيان الذي سمعت الله تبارك وتعالى يمدحه يدعو اليه ويحث عليه وبذلك نطق القران وبذلك تفاخرت العرب وتفاضلت وأصناف الاعجام@