كتاب البيان والتبيين - ط الخانجي (اسم الجزء: 1)

فاذا ضرب بجرانه ومكن لعروقه استفحل الفساد وبزل وتمكن الجهل وفرخ فعند ذلك يقوى داؤه ويمتنع دواؤه اللفظ الهجين الردي والمستكره الغبي أعلق باللسان وآلف للسمع وأشد التحاما بالقلب من اللفظ النبيه الشريف والمعنى الرفيع الكريم ولو جالست الجهال والنوكى والسخفاء والحمقى شهرا فقط لم تنق من أوضار كلامهم وخبال معانيهم بمجالسة أهل البيان والعقل دهرا لان الفساد أسرع الى الناس وأشد التحاما بالطبائع والانسان بالتعلم والتكلف وبطول الاختلاف الى العلماء ومدارسة كتب الحكماء يجود لفظه ويحسن أدبه وهو لا يحتاج في الجهل الى اكثر من ترك التعلم وفي فساد البيان الى اكثر من ترك التخير
ومما يؤكد قول محمد بن علي بن عبد الله بن عباس قول بعض الحكماء حين قيل له متى يكون الادب شرا من عدمه قال اذا كثر الادب ونقصت
القريحة وقد قال بعض الأولين من لم يكن عقله أغلب خصال الخير عليه كان حتفه في أغلب خصال الخير عليه وهذا كله قريب بعضه من بعض
وذكر المغيرة بن شعبة عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال كان والله أفضل من ان يخدع وأعقل من ان يخدع وقال محمد بن علي بن عبد الله بن عباس كفاك من علم الدين ان تعلم ما لا يسع جهله وكفاك من علم الادب ان تروي الشاهد والمثل وكان عبد الرحمن بن اسحق القاضي يروي عن جده ابراهيم بن سلمة@

الصفحة 86